للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثانيةُ: إذا زَنَتِ البالِغةُ العاقلةُ بصَبيٍّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو زَنَتِ البالغةُ العاقلةُ بصبيٍّ غيرِ بالغٍ، هل يَجبُ عليها الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنه لا يَجبُ عليها الحدُّ.

قالَ الحَنفيةُ: البالغةُ العاقِلةُ إذا زنَتْ بصغيرٍ وطاوَعتْه فلا يَجبُ عليها الحَدُّ؛ لأنَّ وُجوبَ الحدِّ على المَرأةِ في بابِ الزنا ليس لكَونِها زانيَةً؛ لأنَّ فِعلَ الزِّنا لا يَتحقَّقُ منها وهو الوطءُ؛ لأنها مَوطوءةٌ وليسَتْ بواطِئةٍ، وتَسميتُها في الكِتابِ العَزيزِ زانيَةً مَجازٌ لا حقيقةٌ، وإنَّما وجَبَ عليها لكَونِها مَزنِيًّا بها، وفعلُ الصبيِّ والمجنونِ ليسَ بزنًا، فلا تكونُ هي مَزنيًّا بها، فلا يجبُ عليها الحدُّ، وفعلُ الزنا يَتحقُّقُ مِنْ العاقلِ البالغِ، فكانَتْ الصَّبيةُ أو المَجنونةُ مَزنيًّا بها، إلا أنَّ الحدَّ لم يَجبْ عليها؛ لعَدمِ الأهليَّةِ، والأهليةُ ثابتةٌ في جانبِ الرَّجلِ فيَجبُ (١).

وقالَ المالِكيةُ: المرأةُ البالِغةُ العاقلةُ إذا مكَّنَتْ صَبيًّا يَقدرُ على الجِماعِ فزنَى بها فلا حَدَّ عليها وإنْ أنزَلَتْ؛ لأنها لا يَحصلُ لها معه مِنْ اللَّذةِ ما يَحصلُ مِنْ غيرِه (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٨٣)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٤٤).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٠٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>