اختَلفَ الفَقهاءُ فيمَن أَحيا أرضًا مَواتًا فوجَدَ فيها شيئًا في باطنِ الأرضِ، هل يَمتلكُه بذلك أم لا؟
قالَ الشافِعيةُ: لو أَحيا مَواتًا ثُم ظهرَ فيه معدنٌ ظاهرٌ أو باطنٌ كذهبٍ أو فضةٍ أو غيرِ ذلك ولَم يَعلَمْ به مَلَكَه بلا خلافٍ؛ لأنَّه قد ملَكَ الأرضَ بالإِحياءِ، فملَكَها بجميعِ أجزائِها، والمَعدِنُ مِنْ أجزائِها فمَلَكَه، كما لو أَحيا أرضًا فنبَعَ فيها عينُ ماءٍ.
وقيلَ: إنَّ الظاهرَ لا يُملَكُ بالإِحياءِ إنْ علِمَه لظهورِه مِنْ حيثُ إنَّه لا يَحتاجُ إلى علاجٍ.
وإنْ علِمَ أنَّ فيها مَعدِنًا فأَحياها واتَّخذَ عليه دارًا فلا يَملكُه في أحدِ القَولينِ لِفسادِ القصدِ؛ لتَأديَتِه إلى حِرمانِ غيرِه مِنْ الانتِفاعِ.
وفي القولِ الآخرِ: القَطعُ بالملكِ، إلا أنَّه لا يَملِكُ بُقعةَ المَعدِنِ بالإِحياءِ مع عِلمِه به لِفسادِ قَصدِه؛ لأنَّ المَعدِنِ لا يُتَّخذُ دارًا ولا مَزرعةً ولا بُستانًا أو نحوَها (١).
وقالَ الحَنابلةُ: مَنْ أَحيا أرضًا فمَلكَها بذلك فظهَرَ فيها مَعدِنٌ؛ ملَكَه ظاهرًا كانَ أو باطنًا إذا كانَ مِنْ المَعادنِ الجامِدةِ كالذَّهبِ والفِضةِ والحَديدِ
(١) «البيان» (٧/ ٤٩٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٢٢)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٤٠، ٤٤١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٤٦)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٢٦).