للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرعُ، وقد ورَد الشَّرعُ بإيجابِ الكَفَّارةِ في الجِماعِ، وما سِواه ليس في مَعناه: لأنَّ الجِماعَ أغلَظُ، ولِهذا يَجِبُ به الحَدُّ في مِلكِ الغَيرِ، ولا يَجِبُ فيما سِواه، فبَقيَ على الأصلِ، وإنْ بلَغ ذلك السُّلطانَ عَزَّره؛ لأنَّه مُحرَّمٌ ليس فيه حَدٌّ ولا كَفَّارةٌ، فثبَت به التَّعزيرُ كالمُباشِرِ فيما دونَ الفَرجِ من الأجنَبيَّةِ؛ ولأنَّ الكَفَّارةَ تَفتقِرُ إلى كَمالِ الجِنايةِ؛ لأنَّها تَندَرِئُ بالشُّبُهاتِ كالحُدودِ.

وقال الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ: تَجِبُ عليه الكَفَّارةُ؛ لأنَّه إنزالٌ عن مُباشَرةٍ أشبَهَ الإنزالَ عن جِماعٍ (١).

١٢ - الصائِمُ إذا فكَّر فأنزَلَ مَنيًّا:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ فكَّر فأنزَلَ صَومُه صَحيحٌ.

لِقَولِ النَّبيِّ : «إِنَّ اللهَ تَجاوَزَ عَنْ أُمَّتي ما حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُها ما لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» (٢).

ولأنَّه لا نَصَّ في الفِطرِ به ولا إجماعَ، ولا يُمكِنُ قياسُه على المُباشَرةِ ولا تَكرارِ النَّظرِ؛ لأنَّه دونَهما في استِدعاءِ الشَّهوةِ وإفضائِه إلى الإنزالِ،


(١) «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٣٧)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ٣٥٨)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٣١)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٧)، و «الإشراف» ص (٢٠٢)، والإفصاح» (١/ ٣٩٤)، و «المجموع» (٧/ ٥٢٩، ٥٣٢)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٤٣٦)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠١)، و «المغني» (٤/ ١٧٠)، و «المدونة» (١/ ١٩٩).
(٢) رواه البخاري (٤٩٦٨)، وقد رُوي بلفظِ: «عُفِيَ عن أُمَّتِي الخَطَأُ والنِّسْيانُ وما حَدَّثَت به أَنْفُسَها ما لم تَعْمَلْ أو تَتَكَلَّمْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>