للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أيضًا: والرَّجلُ يَنهَزِمُ أصحابُه، فيُقاتِلُ وَحدَه أو هو وطائِفةٌ معه العَدوَّ، وفي ذلك نِكايةٌ في العَدوِّ، ولكنْ يَظنُّون أنَّهم يُقتَلون، فهذا كلُّه جائِزٌ عندَ عامةِ عُلماِء الإسلامِ من أهلِ المَذاهبِ الأربَعةِ وغيرِهم، وليسَ في ذلك إلا خلافٌ شاذٌّ.

وقالَ: وأمَّا الأئِمةُ المُتبَعونَ كالشافِعيِّ وأحمدَ وغيرِهما فقد نَصُّوا على جَوازِ ذلك، وكذلك هو مَذهبُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ وغيرِهما (١).

٢ - جَوازُ تَقحُّمِ المَهالكِ في الجِهادِ:

بوَّبَ الإمامُ البُخاريُّ في «صَحيحِه» بابًا بعُنوانِ: (بَابُ من اختارَ الضَّربَ والقَتلَ والهَوانَ على الكُفرِ).

ثم رَوى عن أنَسٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حَلاوةَ الإيمانِ: أنْ يَكونَ اللهُ ورَسولُه أحَبَّ إليه ممَّا سِواهما، وأنْ يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّه إلا للهِ، وأنْ يَكرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرَه أنْ يُقذَفَ في النارِ» (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ بَطالٍ : حَديثُ أنَسٍ سَوَّى فيه النَّبيُّ بينَ كَراهيةِ المُؤمِنِ الكُفرَ وكَراهيَتِه دُخولَ النارِ، وإذا كانَ هذا حَقيقةَ الإيمانِ، فلا مُخالَفةَ في أنَّ الضَّربَ والهَوانَ والقَتلَ عندَ المُؤمِنِ أسهَلُ من دُخولِ النارِ، فيَنبَغي أنْ يَكونَ ذلك أسهَلَ من الكُفرِ إنِ اختارَ الأخْذَ بالشِّدةِ على نَفسِه.


(١) «الانغماس في العدو» ص (١٤، ١٧).
(٢) البخاري (٦٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>