المُرادُ بالحَولِ أنْ يَمُرَّ على المِلْكِ في مِلكِ المالِكِ سَنةٌ كامِلةٌ قَمريَّةٌ اثنا عشَرَ شَهرًا عَربيًّا، وهذا الشَّرطُ إنَّما هو بالنِّسبةِ لِلأنعامِ والنُّقودِ والسِّلعِ التِّجاريَّةِ (وهو ما يُمكِنُ أنْ يَدخُلَ تحتَ اسمِ زَكاةِ رأسِ المالِ) أمَّا الزُّروعُ والثِّمارُ والمُستخرَجُ من المَعادنِ والكُنوزِ ونَحوِها فلا يُشتَرطُ لها حَولٌ، بل تَجبُ الزَّكاةُ في هذه الأَنواعِ، ولو لم يَحُلْ عليها الحَولُ.
السِّرُّ في اعتبارِ الحَولِ لبعضِ الأَموالِ:
والفَرقُ بينَ ما اعتُبِر له الحَولُ وما لم يُعتبَرْ له ما قالَه الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: إنَّ ما اعتُبِرَ له الحَولُ مُرصَدٌ لِلنَّماءِ، فالماشيُة مُرصَدةٌ لِلدَّرِّ -اللَّبنِ- والنَّسلِ، وعُروضُ التِّجارةِ مُرصَدةٌ للرِّبحِ، وكذا الأَثمانُ، فاعتُبِرَ له الحَولُ؛ لأنَّه مَظِنةُ النَّماءِ؛ ليَكونَ إِخراجُ الزَّكاةِ من الرِّبحِ، فإنَّه أيسَرُ وأسهَلُ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ إنَّما وجَبَت مُواساةً.
ولم تُعتبَرْ حَقيقةُ النَّماءِ؛ لِكَثرةِ اختِلافِه وعَدمِ ضَبطِه؛ ولأنَّ ما اعتُبِرت مَظِنتُه لم يُلتَفتْ إلى حَقيقتِه كالحِكَمِ مع الأَسبابِ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ تَتكرَّرُ في هذه الأَموالِ، فلا بدَّ لها من ضابِطٍ، كَيْلا يُفضيَ إلى تَعاقُبِ الوُجوبِ في الزَّمنِ الواحِدِ مَراتٍ، فيَنفَدَ مالُ المالِكِ.
أمَّا الزُّروعُ والثِّمارُ فهي نَماءٌ في نَفسِها، تَتكامَلُ عندَ إِخراجِ الزَّكاةِ منها فتُؤخَذُ الزَّكاةُ منها حينَئذٍ، ثم تَعودُ في النَّقصِ لا في النَّماءِ، فلا تَجبُ فيها