للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألَّا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لِمَا لا بُدَّ منه» (١)، وقالت أيضًا: «كان رَسولُ اللهِ إذا اعْتَكَفَ يُدْنِي إليَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وكان لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» مُتَّفَقٌ عليه.

ولا خِلافَ في أنَّ له الخُروجَ لِما لا بُدَّ له منه، قال ابنُ المُنذِرِ: أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ لِلمُعتكِفِ أنْ يَخرُجَ من مُعتكَفِه لِلغائِطِ والبَولِ، ولأنَّ هذا ممَّا لا بُدَّ منه، ولا يُمكِنُ فِعلُه في المَسجِدِ، فلو بطَل الاعتِكافُ بخُروجِه إليه، لم يَصحَّ لِأحدٍ الاعتِكافُ، ولأنَّ النَّبيَّ كان يَعتكِفُ، وقد عَلِمْنَا أنَّه كان يَخرُجُ لِقَضاءِ حاجَتِه، والمُرادُ بحاجةِ الإنسانِ البَولُ والغائِطُ، كَنَّى بذلك عنهما، لأنَّ كلَّ إنسانٍ يَحتاجُ إلى فِعلِهما، وفي مَعناه الحاجةُ إلى المَأكولِ والمَشروبِ إذا لم يَكُنْ له مَنْ يأتيه به، فله الخُروجُ إليه إذا احتاج إليه، وإذا بَغَته القَيءُ فله أنْ يَخرُجَ لِيَتقيَّأَ في خارجِ المَسجدِ، وكلُّ ما لا بُدَّ له منه ولا يُمكِنُ فِعلُه في المَسجدِ له الخُروجُ إليه، ولا يَفسُدُ اعتِكافُه وهو عليه ما لم يَطُلْ (٢).

مَكانُ الاعتِكافِ:

أ- مَكانُ الاعتِكافِ لِلرِّجالِ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّه لا يَصحُّ اعتِكافُ الرَّجلِ إلا في مَسجدٍ، لِقَولِه تَعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، ووَجهُ الدِّلالةِ


(١) رواه أبو داود (٢٤٧٣)، وقال الألباني: حسن صحيح.
(٢) «المغني» (٤/ ٢٦٧) وما بعدَها، و «الإجماع» لابن المنذر ص (٤٠)، و «المجموع» (٦/ ٥٢٤، ٥٣١)، و «المدونة» (١/ ٢٠٢)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>