وعندَ الحَنفيةِ رُكنُها هو الإِيجابُ والقَبولُ فقط.
الرُّكنُ الأَولُ وشُروطُه: الصِّيغةُ:
الصِّيغةُ هي الإِيجابُ مِنْ المُودِعِ والقَبولُ مِنْ المُودَعِ، مِثلُ أنْ يَقولَ لغيرِه:«أَودعتُك هذا الشَّيءَ»، أو «احفَظْ هذا المالَ»، أو «خذْ هذا المالَ وَديعةً عندَك»، وما يَجري مَجراه أو ما يُفيدُ مَعناه ويَقبلُه الآخرُ، فإذا وُجدَ ذلك فقد تمَّ عَقدُ الوَديعةِ، وهذا مما لا خِلافَ فيه بينَ الفُقهاءِ.
إلا أنَّ العُلماءِ اختلَفُوا هل يُشترطُ للصِيغةِ إِيجابٌ وقَبولٌ لفظًا أم يَكفي ما يَدلُّ على الإِيجابِ والقَبولِ ولو بالقَرائنِ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّه لا يُشترطُ اللَّفظُ في الصِّيغةِ، بل كلُّ ما يُفهمُ منه طلبُ الحفظِ ولو بقَرائنِ الأَحوالِ.
قالَ الحَنفيةُ: يَنعقدُ الإِيداعُ بالإِيجابِ والقَبولِ صَراحةً أو دِلالةً، مَثلًا إذا قالَ صاحِبُ الوَديعةِ:«أَودعتُكَ هذا الشَّيءَ» أو «جعَلْته أَمانةً عندَك» أو «احفظْ هذا الشَّيءَ» أو «خذْ هذا الشيءَ وَديعةً عندَك»، وما يَجري مَجراه، فقالَ المُستودَعُ:«قبِلْت»؛ انعقَدَ الإِيداعُ صَراحةً، وكذا لو دخَلَ شَخصٌ خانًا فقالَ لصاحِبِ الخانِ:«أينَ أَربطُ دابَّتي؟» فأراه مَحلًّا، فربَطَ الدَّابةَ فيه، انعقَدَ الإِيداعُ دِلالةً، وكذلك إذا وضَعَ رَجلٌ مالَه في دُكانٍ فرآه صاحِبُ الدُّكانِ