اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو شَكَّ الزَّوجُ في عَددِ طلاقِ زَوجَتِه، هل طلَّقَها واحدةً أم اثنتَينِ؟ أو طلَّقَها اثنتَينِ أم ثلاثةً؟ هلْ يَبنِي على ما استَيقَنَ -وهو الأقلُّ-؟ أم تطلقُ عليهِ زَوجَتُه؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ تَيقَّنَ الطَّلاقَ إلَّا أنَّه شَكَّ في عَددِ الطَّلاقِ أنهُ طلَّقَها واحدةً أو اثنتَينِ أو ثلاثًا فإنهُ يَحكُمُ بالأقَلِّ ويَبني على ما استَيقَنَ؛ لحَديثِ أبي سَعيدٍ
(١) «شرح مختصر خليل» (٤/ ٦٥) قالَ الإمامُ ابنُ نُجَيمٍ الحنَفيُّ ﵀: واعْلَمْ أنَّ التحرِّي في اللُّغةِ الطَّلَبُ والابتِغاءُ، وهو والتَّوخِّي سواءٌ، إلَّا أنَّ لفْظَ التَّوخِّي يُستَعملُ في المُعامَلاتِ، والتَّحرِّي في العِباداتِ، وفي الشَّريعةِ: طلَبُ الشَّيءِ بغالِبِ الرَّأيِ عِنْدَ تَعذُّرِ الوُقوفِ على حَقيقتِه، وهو غيرُ الشَّكِّ والظنِّ، فالشَّكُّ أنْ يَستويَ طرَفَا العِلمِ والجَهلِ، والظنُّ تَرجُّحُ أحدِهِما مِنْ غيرِ دليلٍ، والتحرِّي تَرجُّحُ أحدِهِما بغالِبِ الرَّأيِ، وهو دليلٌ يُتوصَّلُ بهِ إلى طرَفِ العِلمِ، وإنْ كانَ لا يُتَوصَّلُ به ما يُوجِبُ حَقيقةَ العِلمِ. «البحر الرائق» (٢/ ٢٦٨).