للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَعنى فيه أنَّ هذهِ عُقوبةٌ يَعتقدُ الكافرُ حُرمةَ سَببِها، فيقامُ عليهِ كما يُقامُ على المُسلمِ كالجَلدِ والقَطعِ والقَتلِ في القِصاصِ، بخِلافِ حَدِّ الشُّربِ؛ فإنه لا يَعتقدُ حُرمةَ سَببِه، وتأثيرُه ما بيَّنَّا أنَّ ما اشتُرطَ في الإحصانِ إنما يُشترطُ لمعنَى تَغلُّظِ الجَريمةِ، وغِلظُ الجَريمةِ باعتبارِ الدِّينِ مِنْ حيثُ اعتقادُ الحُرمةِ، فإذا كانَ هو في دِينِه مُعتقدًا للحُرمةِ كالمُسلمِ فقدْ حصَلَ ما هو المَقصودُ، فكانَ به مُحصنًا، فإنَّ المُحصنَ مَنْ يكونُ في حِصنٍ ومَنعٍ مِنْ الزِّنى، وهو باعتقادِه مَمنوعٌ مِنْ الزِّنى، وقد أُنْذِرَ عليه بالعُقوبةِ في دِينِه، فكانَ مُحصنًا، ثم لا يجوزُ اشتِراطُ الإسلامِ لمَعنى الفَضيلةِ والكَرامةِ والنِّعمةِ كما لا يُشترطُ سائرُ الفَضائلِ مِنْ العِلمِ والشرَفِ، ولا يجوزُ اشتِراطُ الإسلامِ لمعنَى التغلِيظِ؛ لأنَّ الكفرَ أليَقُ بهذا مِنْ الإسلامِ، فالإسلامُ للتَّخفيفِ والعِصمةِ، والكفرُ مِنْ دَواعي التَّغليظِ، فإذا كانَ تُقامُ هذه العُقوبةُ على المُسلمِ بارتِكابِ هذهِ الفاحشةِ فعَلى الكافرِ أَولى (١).

الشَّرطُ الخامِسُ: الوَطءُ في النكاحِ الصَّحيحِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنه يُشترطُ في الرَّجمِ على الزَّاني المُحصَنِ أنْ يَكونَ وَطئَ في القُبلِ في نِكاحٍ، فإنْ عقَدَ على امرَأةٍ ولم يَدخلْ بها ثمَّ زَنى فإنه غيرُ مُحصنٍ، فلا يَقامُ عليه حَدُّ الرَّجمِ بل الجَلدُ بإجماعِ أهلِ العِلمِ، والدليلُ


(١) «المبسوط» (٩/ ٤٠)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٩٦)، و «البيان» (١٢/ ٣٥٤)، و «المغني» (٩/ ٤٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٣٤)، و «زاد المعاد» (٥/ ٣٥)، و «الإشراف» (٧/ ٢٥٤، ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>