للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ عبدِ البرِّ : لا يَجوزُ لِباسُ شيءٍ من المَخيطِ عندَ جميعِ أهلِ العِلمِ، وأجمَعوا على أنَّ المُرادَ بهذا الذُّكورُ دونَ النِّساءِ (١).

حُكمُ مَنْ لم يَجدْ إزارًا:

لا خِلافَ بينَ أهلِ العِلمِ على أنَّ للمُحرِمِ أنْ يَلبَسَ السَّراويلَ إذا لم يَجدِ الإزارَ؛ لحَديثِ ابنِ عَباسٍ قال: «سمِعتُ النَّبيَّ يَخطُبُ بعَرفاتٍ: مَنْ لم يَجدِ النَّعلَين فلْيلبَسِ الخُفَّين، ومَن لم يَجدْ إزارًا فلْيلبَسْ سَراويلَ» (٢).

إلا أنَّهم اختلَفوا هل عليه فِديةٌ أو لا؟

فذهَب الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه لا فِديةَ عليه؛ لحَديثِ ابنِ عَباسٍ السابقِ، وهو صَريحٌ في الإجابةِ، ظاهِرٌ في إسقاطِ الفِديةِ؛ لأنَّه أمْرٌ بلُبسِه، ولم يَذكُر فِديةً، ولأنَّه يَختَصُّ لُبسُه بحالةِ عَدمِ غيرِه، فلم تَجبْ به فِديةٌ.

وفصَّل الحَنفيةُ: فأجازوا لُبسَ السِّروالِ إذا كان غيرَ قابِلٍ لأنَّ يُشَقَّ ويُؤتزَرَ به، وألَّا يُفتَقَ ما حولَ السِّروالِ ما خَلا مَوضعَ التِّكةِ ويأتزِرَ به. ولو لَبِسه كما هو فعليه دَمٌ، إلا إنْ كان ضَيِّقًا غيرَ قابِلٍ، فيَكونُ عليه فِديةٌ يَتخيَّرُ فيها.


(١) «الاستذكار» (٤/ ١٤)، ويُنظر: و «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٠٥)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٤٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢١٠)، و «تبين الحقائق» (٢/ ١٢)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥١٨)، و «المغني» (٤/ ٤٢٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٢٦)، و «شرح العمدة» (٣/ ١٦).
(٢) رواه البخاري (٥٤٦٧)، ومسلم (١١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>