للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المالِكيَّةُ: ولو كان رَجُلًا عاقِلًا مُبذِّرًا لِمالِه يَستَعينُ بذلك على الفُسوقِ وشُربِ الخَمرِ فإنَّه يُحجَرُ عليه، وإنْ كان يُنَمِّيه بمِثلِ ذلك، وذلك لِحَقِّ اللهِ ؛ لأنَّ تَغييرَ المُنكَرِ فَرضٌ، فإذا كان لا يَنزَجِرُ هذا مع بَقاءِ المالِ في يَدِه إلا بالحَجرِ حُجِرَ عليه، وقال مالِكٌ في «المُدوَّنةِ» في الذين تُحجَرُ عليهم أموالُهم: هُمْ الذين يُبذِّرونَه في الفُسوقِ والشَّرابِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: لو كان الفاسِقُ يُنْفِقُ مالَه في المعاصي -كشِراءِ الخَمرِ وآلاتِ اللَّهوِ- أو يَتوَصَّلُ به إلى الفَسادِ فهو غيرُ رَشيدٍ لِتَبذيرِه لِمالِه وتَضييعِه إيَّاه في غيرِ فائِدةٍ، فيُحجَرُ عليه.

وإنْ كان فِسقُه لِغَيرِ ذلك -كالكَذِبِ ومَنعِ الزَّكاةِ وإضاعةِ الصَّلاةِ، مع حِفظِه لِمالِه- دُفِعَ إليه؛ لأنَّ المَقصودَ بالحَجرِ حِفظُ المالِ، ومالُه مَحفوظٌ بدونِ الحَجْرِ، فلا حاجةَ إليه، ولذلك لو طَرَأ الفِسقُ بعدَ دَفعِ مالِه إليه لَم يُنزَعْ منه (٢).

٦ - الحَجْرُ على الشَّحيحِ:

اختَلَف فُقهاءُ الشافِعيَّةِ في الشَّحيحِ الذي يَبخَلُ على نَفْسِه في النَّفَقةِ، فلا يَأكُلُ حَسَبَ كِفايَتِه، ولا يَلبَسُ بقَدْرِ حالِه شُحًّا على نَفْسِه وبُخلًا وحُبًّا لِلمالِ وجَمعًا، هل يُحجَرُ عليه أو لا؟


(١) «التبصرة» (١٠/ ٥٥٨٥).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٠١، ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>