للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - إِيداعُ الصَّبيِّ المُميِّز:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الصَّبيِّ المُميِّزِ المَأذونِ له في التِّجارةِ هل يَصحُّ قَبولُه للوَديعةِ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ استِيداعُ الصَّبيِّ مُطلقًا مُميِّزًا كانَ أو غيرَ مُميِّزٍ.

قالَ النَّفراويُّ المالِكيُّ: وأمَّا الصَّبيُّ والسَّفيهُ فلا يُودعانِ ولا يُستودَعانِ، لكنْ إنْ أودَعاكَ شَيئًا وجَبَ عليك يا رَشيدُ حِفظُه (١).

إلا أنَّ ابنَ عَرفةَ المالِكيِّ قالَ: يَجوزُ أنْ يُودَعَ الصَّبيُّ ما خِيفَ تَلفُه بيدِ مُودِعه إنْ ظنَّ صَونَه بيدِه لاحتِرامِه وثِقتِه، كأَولادِ المُحترَمينِ عندَ نُزولِ بعضِ الظَّلمةِ ببَعضِ البِلادِ، إنْ ظنَّ المُودِعُ صَونَ الوَديعةِ بيدِ الصِّبيِّ (٢).

وقالَ الشَّافِعيةُ: يُشترطُ أَهليَّةُ العاقِدَينِ: المُودَعُ والمُستودِعُ، بأنْ يَكونُ كلٌّ منها بالِغًا عاقِلًا غيرَ مَحجورٍ عليه لسَفهٍ (٣).

وكذلك نصَّ الحَنابِلةُ على أنَّه لا يَصحُّ استِيداعُ الصَّبيِّ، ومَن أودَعَ صَبيًّا شَيئًا فتلِفَت فلا ضمانَ عليه (٤).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الصَّبيَّ المُميِّزَ إنْ كانَ مَأذونًا له في التِّجارةِ صحَّ


(١) «الفواكه الدواني» (٢/ ١٧٠)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٥٩).
(٢) «المختصر الفقهي» (١٠/ ٤٤٣).
(٣) «النجم الوهاج» (٦/ ٣٤٦، ٣٤٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٤).
(٤) «المغني» (٦/ ٣١١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١٦، ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>