للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَحقُّ برِعايةِ وإِمساكِ اللَّقيطِ:

نصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ المُلتقِطَ أَحقُّ بإِمساكِ اللَّقيطِ مِنْ غيرِه، وليسَ لأَحدٍ ولو كانَ الإِمامَ الأَعظمَ أنْ يَنتزعَه منه إلا بسَببٍ يُوجبُ ذلك؛ لأنَّ يدَه سبَقَت إليه فهو أَحقُّ به باعتِبارِ يدِه، ولقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ سبَقَ إلى ما لمْ يَسبقْ إليه مُسلِمٌ فهو أَحقُّ به»، ولأنَّ اللَّقيطَ في حَديثِ أَبِي جَميلةَ -رَجلٍ مِنْ بَني سُلَيمٍ- أنَّه وجَدَ مَنبوذًا في زَمنِ عُمرَ بنِ الخَطابِ، قالَ: فجِئْت إِلى عُمرَ بْنِ الخَطابِ فقالَ: ما حمَلَكَ على أَخذِ هذه النَّسمةِ؟ فقالَ: وجَدْتُها ضائِعةً فأخَذْتُها، فقالَ له عَريفُه: يا أَميرَ الْمُؤمِنينَ، إنَّه رَجلٌ صالِحٌ، فقالَ عُمرُ: كذلك؟ قالَ: نعم، فقالَ عُمرُ بنُ الخَطابِ: اذهَبْ فهو حُرٌّ، ولك وَلاؤُه، وعلينا نَفقَتُه (١)، وهذا إذا لمْ تُوجدْ يدٌ هي أَولى مِنْ يدِه أو يُوجدْ سَببٌ شَرعيٌّ.

وعليه إذا انتزَعَه إِنسانٌ منه فاختصَمَ الأَولُ والثانِي إلى القاضِي فإنَّ القاضِي يَدفعُه إلى الأَولِ (٢).


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٧٣٨)، رقم (١٤١٧).
(٢) «المبسوط» (١٠/ ٢٠٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٨١)، و «اللباب» (١/ ٦٥٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٢٥٠)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٦)، و «التاج والإكيليل» (٥/ ٤٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٣٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٢٨٥)، و «البيان» (٨/ ١٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٥٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٢٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٦٨)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٥٣)، و «المغني» (٦/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>