للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقيُّؤُ الخَمرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن وُجدَ سَكرانَ أو تَقيَّأَ الخَمرَ، هل يُقامُ عليهِ الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ وُجدَ سَكرانَ أو تَقيَّأَ الخمرَ فإنه يُحَدُّ، أو شَهدَ عليه عَدلٌ واحدٌ بُشربِها وآخَرُ أنه تَقايَأَها؛ لِما رواهُ مُسلمٌ عن حُضينِ بنِ المُنذِرِ أبي ساسَانَ قالَ: «شَهِدتُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ وأُتِيَ بالوَليدِ قد صلَّى الصُّبحَ رَكعتَينِ ثمَّ قالَ: أَزيدُكُم، فشَهدَ عليه رَجلانِ أحَدُهما حُمرانُ أنه شَربَ الخَمرَ، وشَهدَ آخَرُ أنه رآهُ يَتَقيأُ، فقالَ عُثمانُ: إنه لم يَتَقيأْ حتى شَربَها، فقالَ: يا عَليُّ قُمْ فاجلِدْهُ، فقالَ عَليٌّ: قُمْ يا حَسنُ فاجلِدْهُ، فقالَ الحَسنُ: وَلِّ حارَّها مَنْ تَولَّى قارَّها، فكأنهُ وجَدَ عليه، فقالَ: يا عبدَ اللهِ بنَ جَعفرٍ قُمْ فاجلِدهُ، فجلَدَهُ وعَليٌّ يَعُدُّ حتى بلَغَ أربَعينَ، فقالَ: أَمسِكْ، ثمَّ قالَ: جلَدَ النبيُّ أربَعينَ، وجلَدَ أبو بَكرٍ أربَعينَ، وعُمرُ ثَمانينَ، وكلٌّ سُنةٌ، وهذا أحَبُّ إليَّ» (١)، وهذا بمَحضرٍ مِنْ عُلماءِ الصحابةِ وسادَتِهم ولم يُنكَرْ فكانَ إجماعًا، ولأنه يَكفي في الشهادةِ عليه أنه شَربَها، ولا يَتقيَّؤُها أو لا يَسكرُ منها حتى يَشربَها (٢).


(١) رواه مسلم (١٧٠٧).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٠٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٦٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٠٠)، و «المغني» (٩/ ١٣٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢١٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>