للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَصحُّ: أنْ يُعوِّضَ أحَدُ النَّقدَيْنِ الآخَرَ بسِعرِ يَومِه، ويَكونُ صَرفًا بعَينٍ وذِمَّةٍ؛ لِحَديثِ ابنِ عمرَ قالَ: أتَيتُ النَّبيَّ ، فقُلتُ: إنِّي أبيعُ الإبِلَ بالنَّقيعِ، فأبيعُ بالدَّنانيرِ، وآخُذُ الدَّراهِمَ، وأبيعُ بالدَّراهِمِ فآخُذُ الدَّنانيرَ. فقالَ: «لا بَأْسَ أنْ تَأخُذَ بسِعرِ يَومِها ما لَم تَفتَرِقا وبينَكما شَيءٌ (١)» (٢).

وسَيَأتي في بابِ البُيوعِ المَنهيِّ عَنها بَعضُ هذه البُيوعِ، كبَيعِ اللَّحمِ بالحَيَوانِ، وبَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ مُتفاضِلًا، وبَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ والعِنَبِ بالزَّبيبِ، وذِكْرُ خِلافِ العُلماءِ فيها إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى.

حِكمةُ تَحريمِ رِبا النِّساءِ في المَطعومِ:

قالَ ابنُ القيِّمِ : وأمَّا الأصنافُ الأربَعةُ المَطعومةُ فحاجةُ النَّاسِ إليها أعظَمُ مِنْ حاجَتِهم إلى غيرِها؛ لأنَّها أقواتُ العالَمِ، وما يُصلِحُها، فمِن رِعايةِ مَصالِحِ العِبادِ أنْ مُنِعوا مِنْ بَيعِ بَعضِها ببَعضٍ إلى أجَلٍ، سَواءٌ اتَّحَدَ الجِنسُ أو اختلَف، ومُنِعوا مِنْ بَيعِ بَعضِها ببَعضٍ حالًّا مُتفاضِلًا، وإنِ اختَلَفتْ صِفاتُها، وجُوِّزَ لهم التَّفاضُلُ فيها مع اختِلافِ أجناسِها.

وسِرُّ ذلك -واللَّهُ أعلَمُ-: أنَّه لو جُوِّزَ بَيعُ بَعضِها ببَعضٍ نَساءً لَم يَفعَلْ ذلك أحَدٌ إلَّا إذا رَبِحَ، وحينَئذٍ تَشِحُّ نَفْسُه ببَيعِها حالَّةً؛ لِطَمَعِه في الرِّبحِ، فيَعِزُّ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: وقد تقدم.
(٢) «المغني» (٤/ ٢٧، ٣٧) «كشاف القناع» (٣/ ٢٩٢، ٣٠٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٤٥، ٥٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٢٤٦، ٢٦٦)، و «الروض المربع» (١/ ٥٧٩، ٥٨٧)، و «الإنصاف» (٥/ ١٢، ٢٠)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>