للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الرابِعةُ: إجارةُ المَراعي (الكَلأِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ إجارةِ المَراعي لِلكَلَأِ والحَشيشِ الذي بها، هل يَجوزُ أو لا؟ بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّه يَجوزُ بَيعُها بعدَ حَوْزِها.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وأمَّا ما يَحوزُه مِنْ الماءِ في إنائِه أو يأخُذُه مِنْ الكَلَأِ في حَبَلِه، أو يَحُوزُه في رَحلِه، أو يأخُذُه مِنْ المَعادِنِ؛ فإنَّه يَملِكُه بذلك، وله بَيعُه بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ (١) على ما يَأْتي مُفصَّلًا.

فذَهَبَ الحَنفيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ، والمالِكيَّةُ في قَولٍ كما سَيأتي إلى أنَّه لا تَجوزُ إجارةُ المَراعي.

قالَ الحَنفيَّةُ: لا تَجوزُ إجارةُ المَراعي -لكَيْ تَأكُلَها غَنَمُه ومَواشِيه مثلًا-؛ لأنَّ الإجارةَ وَردتْ على استِهلاكِ عَينٍ غيرِ مَملوكةٍ؛ فلا تَحتَمِلُ الإجارةَ، وكذا لا يَجوزُ بَيعُ المَراعي؛ لأنَّه وَردَ على ما لا يَملِكُه، لِاشتِراكِ النَّاسِ فيه اشتِراكَ إباحةٍ، لا مِلْكٍ؛ لِقَولِ النَّبِيِّ : «المُسلِمونَ شُركاءُ في ثَلاثٍ: في الماءِ والكَلَأِ والنارِ» (٢).

وَمَعنَى الشَّرِكةِ في النَّارِ: الِاصطِلاءُ بها، وتَجفيفُ الثِّيابِ، يَعني إذا أوقَدَ رَجُلٌ نارًا فلِكُلٍّ أنْ يَصطَليَ بها، أمَّا إذا أرادَ أنْ يَأخُذَ الجَمرَ فليسَ له ذلك إلَّا بإذْنِ صاحِبِه.


(١) «المغني» (٤/ ٧١)، و «المبدع» (٤/ ٢٢)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٩١)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٢٤).
(٢) رواه أبو داود (٣٤٧٧)، وابن ماجه (٢٤٧٢)، وزاد فيه «وثمنه حرام».

<<  <  ج: ص:  >  >>