للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولَ يُرجعُ فيه إلى الوَسطِ المُتعارَفِ، والثانِي ليسَ له ضابِطٌ، فامتنَعَ، وأُلحِقَ الخُلعُ بأحدِ الطَّرفَينِ الأولَينِ الذي لا يَجوزُ فيه الَغررُ مُطلقًا؛ لأنَّ العِصمةَ وإِطلاقَها ليسَا من بابِ ما يُقصدُ للمُعاوضةِ، بل شأنُ الطَّلاقِ أنْ يَكونَ بغيرِ شَيءٍ، فهو كالهِبةِ، فهذا هو الفَرقُ بينَ القاعِدتَينِ والضابِطُ للبابَينِ والفِقهِ مع مالِكٍ فيه (١).

٤ - عَدمُ تَعليقِ الهِبةِ على شَرطٍ ولا إِضافتُها إلى وَقتٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الهِبةِ هل يَجوزُ تَعليقُها على شَرطٍ مِثلِ شَرطِ «إنْ دخَلَ زَيدٌ فلك ألفٌ، أو إن نجَحتَ فلك ألفُ دِينارٍ، أو إنْ جاءَ خالِدٌ فلك مِئةٌ، أو إذا جاءَ رَأسُ الشَّهرِ فقد وهَبتُك»، أو لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُشترطُ في الهِبةِ التَّنجيزُ، فلا يَصحُّ تَعليقُها على شَرطٍ ولا إِضافَتُها إلى وَقتٍ؛ لأنَّ مُقتَضى التَّمليكِ هو الجَزمُ والتَّنجيزُ لذلك، فلا تَصحُّ أنْ تَكونَ مُعلَّقةً على أمرٍ مُتردِّدٍ بينَ الوُجودِ والعَدمِ؛ لأنَّ العَقدَ المُعلَّقَ على شَرطٍ يَجبُ ثُبوتُه عندَ ثُبوتِ الشَّرطِ الذي عُلِّق عليه؛ لأنَّه لو ثبَتَ التَّصرُّفُ قبلَ وُجودِ الشَّرطِ لاستَوجبَ ذلك وُجودَ المَشروطِ بدونِ الشَّرطِ، وذلك مُحالٌ.

لا يَصحُّ تَعليقُ الهِبةِ بما له خَطرُ الوُجودِ والعَدمِ من دُخولِ زَيدٍ وقُدومِ خالِدٍ؛ لأنَّ الهِبةَ تَمليكُ العَينِ للحالِ وأنَّه لا يَحتمِلُ التَّعليقَ بالخَطرِ والإِضافةِ إلى الوَقتِ كالبَيعِ.


(١) «الفروق» (١/ ٣٤٧، ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>