حُكمُ المُعامَلاتِ المُختلَفِ فيها بينَ المُسلِمينَ:
قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: إنَّ المُسلِمَ إذا عامَلَ مُعامَلةً يَعتقِدُ هو جَوازَها، وقبَض المالَ، جازَ لِغيرِه مِنْ المُسلِمينَ أنْ يُعامِلَه في مِثلِ ذلك المالِ، وإنْ لَم يَعتقِدْ جَوازَ تلك المُعامَلةِ؛ فإنَّه قد ثبَت أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رُفِعَ إليه أنَّ بَعضَ عُمَّالِه يَأخُذُ خَمرًا مِنْ أهلِ الذِّمَّةِ عن الجِزيةِ، فقالَ: قاتَلَ اللَّهُ فُلانًا، أما عَلِمَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «قاتَلَ اللَّهُ اليَهودَ؛ حُرِّمتْ عليهم الشُّحومُ فجَمَلوها وباعوها وأكَلوا أثمانَها»؟ ثم قالَ عمرُ: وَلُّوهم بَيعَها وخُذوا مِنهم أثمانَها.
فأمَرَ عمرُ أنْ يَأخُذوا مِنْ أهلِ الذِّمَّةِ الدَّراهِمَ التي باعوا بها الخَمرَ؛ لأنَّهم يَعتَقِدونَ جَوازَ ذلك في دِينِهم.
ولِهذا قالَ العُلماءُ: إنَّ الكُفَّارَ إذا تَعامَلوا بينَهم بمُعامَلاتٍ يَعتَقِدونَ جَوازَها، وتَقابَضوا الأموالَ، ثم أسلَموا، كانَتْ تلك الأموالُ لَهم حَلالًا، وإنْ تَحاكَموا إلينا أقرَرْناها في أيديهم، سَواءٌ تَحاكَموا قبلَ الإسلامِ أو بعدَه.
وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)﴾ [البقرة: ٢٧٨]، فأمَرَهم بتَركِ ما بَقيَ في الذِّمَمِ مِنْ الرِّبا، ولَم يَأمُرْهم برَدِّ ما قَبَضوه؛ لأنَّهم كانوا يَستحِلُّونَ ذلك.
والمُسلِمُ إذا عامَلَ مُعامَلاتٍ يَعتقِدُ جَوازَها، كالحِيَلِ الرِّبَويَّةِ التي يُفتي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute