وجِهادُ الطَّلبِ -وهو ما يُسمَّى (الغَزوَ) -: هو خُروجُ المُسلِمينَ من ديارِ الإسلامِ مع الإمامِ مَرةً في السَّنةِ إلى دِيارِ الكُفرِ لفَتحِها، ونَشرِ الدَّعوةِ فيها، وتَطهيرِها من الشِّركِ والكُفرِ، ورَفعِ رايةِ لا إلهَ إلا اللهُ فوقَ رُبُوعِها.
فإنْ أبَوْا قاتَلَهم الإمامُ، وفرَضَ على الناسِ بأموالِهم وأنفُسِهم الخُروجَ المَذكورَ حتى يُعلَمَ أنَّ في الخارجين مَنْ فيه كِفايةٌ بالعَدوِّ وقيامٌ به، فإذا كانَ ذلك سقَطَ الفَرضُ عن الباقِينَ، فُضِّلَ القائِمونَ على القاعِدينَ أجرًا عَظيمًا، وليسَ عليهم أنْ يَنفِروا كافةً.
حُكمُ جِهادِ الطَّلبِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ جِهادَ الطَّلبِ فَرضُ كِفايةٍ إذا قامَ به بَعضٌ سقَطَ عن الآخَرينَ؛ لقَولِ اللهِ ﷿: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النساء: ٩٥]. وعَدَ اللهُ ﷿ المُجاهِدينَ والقاعِدينَ الحُسنى، ولو كانَ الجِهادُ فَرضَ عَينٍ في الأحوالِ كلِّها لما وعَدَ القاعِدينَ الحُسنى؛ لأنَّ القُعودَ يَكونُ حَرامًا.