للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَجوزُ أنْ يَشتريَ مِنْ زَكاتِه أَسيرًا مُسلِمًا من أَيدِي المُشرِكينَ؛ لأنَّه فَكُّ رَقبةٍ من الأسرِ، فهو كفَكِ رَقبةِ العَبدِ من الرِّقِّ؛ ولأنَّ فيه إِعزازًا لِلدِّينِ، فهو كصَرفِه إلى المُؤلَّفةِ قُلوبُهم؛ لأنَّه يَدفعُه إلى الأَسيرِ لفَكِّ رَقبتِه، فأشبَهَ ما يَدفعُه إلى الغارِمِ لفَكِّ رَقبتِه من الدَّينِ (١).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : واختلَفوا في فَكِّ الأُسارَى منها، فقال أصبَغُ: لا يَجوزُ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، وقالَ ابنُ حَبيبٍ: يَجوزُ؛ لأنَّها رَقبةٌ مُلكَت بمِلكِ الرِّقِّ، فهي تَخرجُ مِنْ رِقٍّ إلى عِتقٍ، وكانَ ذلك أحَقَّ وأَوْلى من فِكاكِ الرِّقابِ الذي بأَيدِينا؛ لأنَّه إذا كانَ فَكُّ المُسلِمِ عن رِقِّ المُسلِمِ عِبادةً وجائِزًا من الصَّدقةِ فأَحرى وأَوْلى أنْ يَكونَ ذلك في فَكِّ المُسلِمِ عن رِقِّ الكافِرِ وذُلِّه (٢).

الصِّنفُ السادِسُ: الغارِمونَ:

الغارِمُ: هو الذي عليه دَينٌ، والغَريمُ يُطلَقُ على المَدينِ، وعلى صاحِبِ الدَّينِ، وأصلُ الغُرمِ في اللهِ: اللُّزومُ ومنه قَولُه : ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ [الفرقان: ٦٥] وسُمِّي كلُّ واحِدٍ منهما غَريمًا لمُلازَمتِه صاحِبَه (٣).


(١) «المغني» (٦/ ٣٣٠)، و «الروض المربع» (١/ ٤٠٢).
(٢) «تفسير القرطبي» (١/ ١٨٣)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٥٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢١٩).
(٣) «المجموع» (٧/ ٣٤٠)، و «تفسير غريب القرآن» لابن قتيبة (١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>