للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشَّاعرُ يَقولُ:

عَرفْتُ هَواها قبلَ أنْ أعرِفَ الهوَى فصادَفَ قَلبًا فارِغًا مُتمكِّنَا (١)

ولأنَّ المعنَى فيه أنَّ النكاحَ مِنْ جُملةِ المَصالحِ وَضعًا في حَقِّ الذُّكورِ والإناثِ جَميعًا، وهو يَشتملُ على أغراضٍ ومَقاصدَ لا يتوفَّرُ ذلكَ إلَّا بينَ الأكْفاءِ، والكُفءُ لا يَتفِقُ في كلَّ وقتٍ، فكانَتِ الحاجةُ ماسَّةً إلى إثباتِ الولايةِ للوليِّ في صِغرِها، ولأنه لو انتُظِرَ بُلوغُها لفاتَ ذلكَ الكُفءُ ولا يُوجَدُ مِثلُه، ولمَّا كانَ هذا العَقدُ يُعقَدُ للعمرِ تَتحقَّقُ الحاجَةُ إلى ما هو مِنْ مَقاصدِ هذا العَقدِ، فتُجعَلُ تلكَ الحاجةُ كالمُتحقِّقةِ للحالِ لإثباتِ الولايةِ للوليِّ (٢).

المُستحَبُّ عَدمُ تَزويجِ الصَّغيرةِ:

إلَّا أنَّ المُستحَبَّ عَدمُ زواجِ الصَّغيرةِ، قالَ الإمامُ النَّوويُّ : واعلَمْ أنَّ الشافِعيَّ وأصحابَه قالُوا: يُستحَبُّ أنْ لا يزوِّجَ الأبُ والجَدُّ البِكرَ حتَّى تَبلغُ ويَستأذِنَها؛ لئلَّا يُوقِعَها في أسْرِ الزوجِ وهي كارِهةٌ، وهذا الذي قالُوهُ لا يُخالِفُ حَديثَ عائِشةَ؛ لأنَّ مُرادَهم أنه لا يزوِّجُها قبلَ البُلوغِ إذا لم تَكنْ مَصلحةٌ ظاهِرةٌ يَخافُ فَوتَها بالتأخِيرِ، كحَديثِ عائِشةَ، فيُستحَبُّ تَحصيلُ ذلكَ الزَّوجِ؛ لأنَّ الأبَ مأمورٌ بمَصلحةِ ولَدِه، فلا يُفوِّتُها، واللهُ أعلَمُ (٣).


(١) «أحكام القرآن» للكيا هراسي (٢/ ٣١٦).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٢١٢، ٢١٣).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>