للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَم يَثبُتْ مِلكُ الحَبسِ على الدَّوامِ لَم يَكُنْ مَحبوسًا على الدَّوامِ، فلَم يَكُنْ مَرهونًا، ولأنَّ الرَّهنَ في اللُّغةِ عبارةٌ عن الحَبسِ، قال الله ﷿: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)[الطور: ٢١]، أي: حَبيسٌ، فيَقتَضي أنْ يَكونَ المَرهونُ مَحبوسًا ما دامَ مَرهونًا، ولأنَّ اللهَ لمَّا سَمَّى العَينَ التي وَرَد العَقدُ عليها رَهنًا، وأنَّه يُنبِئُ عن الحَبسِ لُغةً، كان ما دَلَّ عليه اللَّفظُ لُغةً حُكمًا له شَرعًا؛ لأنَّ لِلأسماءِ الشَّرعيَّةِ دِلالاتٍ على أحكامِها، كلَفظِ الطَّلاقِ والعِتاقِ والحَوالةِ والكَفالةِ ونَحوِها، ولأنَّ الرَّهنَ شُرِعَ وَثيقةً بالدَّينِ، يَلزَمُ أنْ يَكونَ حُكمُه ما يَقَعُ به التَّوثيقُ لِلدَّينِ، كالكَفالةِ، وإنَّما يَحصُلُ التَّوثيقُ إذا كان يَملِكُ حَبسَه على الدَّوامِ؛ لأنَّه يَمنَعُه مِنَ الانتِفاعِ، فيَحمِلُه ذلك على قَضاءِ الدَّينِ في أسرَعِ الأوقاتِ، وكذا يَقَعُ الأمْنُ مِنْ هَلاكِ حَقِّه بالجُحودِ والإنكارِ على ما عُرِفَ (١).

الزِّيادةُ في الرَّهنِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ لِلراهِنِ أنْ يَزيدَ المُرتَهَنَ مع رَهنِه رَهنًا آخَرَ، مِثلَ أنْ يَرهَنَ ثَوبًا بعَشَرةٍ يُساوِي عَشَرةً ثم زادَ الراهِنُ ثَوبًا آخَرَ فيَكونَ مع الأوَّلِ رَهنًا بالعَشَرةِ.

قال ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ لِلراهِنِ أنْ يَزيدَ المُرتَهَنَ مع رَهنِه رَهنًا آخَرَ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٤٥).
(٢) «الإجماع» (٥٢٠)، و «الأوسط» (٥/ ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>