للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ ضاعَت مِنْ واجِدِها فوجَدَها آخرُ ردَّها على الأَولِ؛ لأنَّه قد ثبَتَ له الحقُّ فيها فوجَبَ ردُّها إليه كالمِلكِ.

وإنْ رَآها اثنَانِ فرفَعَها أَحدُهما فهي له؛ لقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ سبَقَ إلى ما لَم يَسبقْ إليه مُسلمٌ فهو له».

وكذا إنْ رَآها أَحدُهما فأَعلَمَ صاحِبَه فأخَذَها، فهي للآخِذِ؛ لأنَّ استِحقاقَ اللُّقطةَ بالأَخذِ لا بالرُّؤيةِ كالاصطِيادِ.

لو رَأى اللُّقطةَ اثنَانِ فقالَ أَحدُهما للآخرِ: «هاتِها» فأخَذَها لنفسِه، فهي للآخِذِ، وإنْ أخَذَها للآمِرِ فهي للآمِرِ، كما لو وكَّلَه في الاصطِيادِ له، وذُكرَ في «الكافِي» أنَّها لرافِعِها؛ لأنَّه لا يَصحُ التَّوكيلُ فيه.

فإنْ التقَطَها اثنَانِ فعَرَّفاها حَولًا ملَكَاها جميعًا، وإنْ قُلْنا بوُقوفِ المِلكِ على الاختِيارِ فاختارَ أَحدُهما دونَ الآخرِ ملَكَ المُختارُ نِصفَها دونَ الآخرِ (١).

لُقطةُ الحَرمِ والحاجّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ لُقطةِ الحَرمِ، هل حُكمُها مُختلِفٌ عن لُقطةِ الحِلِّ؟ فلا يَجوزُ التِقاطُها للتَّملُّكِ، بل للحِفظِ فقط لصاحِبِها؟ أم هي وغيرُها سواءٌ، فيَجوزُ التِقاطُها للتَّملُّكِ وللحِفظِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا فرقَ بينَ لُقطةِ الحِلِّ والحَرمِ في شيءٍ، فيُصنَعُ بها ما


(١) «المغني» (٦/ ٨)، و «الكافي» (٢/ ٣٦٠)، و «المبدع» (٥/ ٢٨٣)، و «الإنصاف» (٦/ ٤١٦، ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>