للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقسامُ القَذفِ:

القَذفُ على ثَلاثةِ أضرُبٍ:

الضربُ الأولُ: واجِبٌ: وهو أنْ يَرَى امرَأتَه تَزنِي في طُهرٍ لم يَطأْها فيهِ، فإنه يَلزمُه اعتِزالُها حتَّى تَنقضيَ عدَّتُها، فإذا أتَتْ بولَدٍ لسِتةِ أشهُرٍ مِنْ حينِ الزِّنا وأمكَنَه نَفيُه عنه لَزمَه قَذفُها ونَفيُ ولَدِها؛ لأنَّ ذلكَ يَجرِي مَجرَى اليَقينِ في أنَّ الولَدَ مِنْ الزاني، فإذا لم يَنفِه لَحقَه الولَدُ ووَرثَه ووَرثَ أقارِبَه ووَرِثوا منه ونظَرَ إلى بَناتِه وأخَواتِه، وليسَ ذلكَ بجائزٍ، فيَجبُ نفيُه؛ لإزالةِ ذلكَ، ولو أقرَّتْ بالزِّنا ووقَعَ في قَلبِه صِدقُها فهو كما لو رَآها.

والضرب الثَّاني: أنْ يَراها تَزنِي، أو يَثبتَ عندَه زِناها وليسَ ثَمَّ ولَدٌ يَلحقُه نَسبُه، أو ثَمَّ ولدٌ لكنْ لا يعلمُ أنه مِنْ الزِّنا، أو يُخبِرَه بزِناها ثِقةٌ يُصدِّقُه، أو يَشيعَ في الناسِ أنَّ فُلانًا يَفجرُ بفُلانةَ ويَشاهدَه عندَها أو داخِلًا إليها أو خارِجًا مِنْ عندِها، أو يَغلبَ على ظَنِّه فُجورُها، فهذا له قَذفُها؛ لأنه رُويَ عن عبدِ اللهِ أنَّ رَجلًا أتَى النبيَّ فقالَ: «أرَأيْتَ رَجلًا وجَدَ مع امرَأتِه رَجلًا فتَكلَّمَ جَلدْتُموهُ أو قتَلَ قَتلتُموهُ أو سكَتَ سكَتَ على غَيظٍ» فذكَرَ أنه يَتكلَّمُ أو يَسكتُ ولم يُنكِرْ عليه النبيُّ ، ولأنَّ النبيَّ لم يُنكِرْ على هِلالٍ والعَجلانِيِّ قذْفَهُما حينَ رأَيَا، وإنْ سكَتَ جازَ وهو أحسَنُ؛ لأنه يُمكِنُه فِراقُها بطَلاقِها ويكونُ فيه ستْرُها وستْرُ نفسِه وليسَ ثمَّ ولَدٌ يحتاجُ إلى نفيِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>