اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الأرضَ إذا لم تُخرِجْ شَيئًا في المُزارَعةِ الصَّحيحةِ فلا شَيءَ لِواحِدٍ منهما على الآخَرِ اتِّفاقًا، لا أجْرُ العَملِ ولا أجْرُ الأرضِ؛ لأنَّها شَرِكةٌ في الخارِجِ، ولا خارِجَ، وصارَ كالمُضارِبِ إذا لم يَربَحْ، سواءٌ كانَ البَذْرُ مِنْ قِبَلِ العامِلِ، أو مِنْ قِبَلِ ربِّ الأرضِ؛ بخِلافِ المُزارَعةِ الفاسِدةِ يَجِبُ فيها أجْرُ المِثلِ -على خِلافٍ فيها سيأتي- وإنْ لم تُخرِجِ الأرضُ شَيئًا.
والفَرقُ أنَّ الواجِبَ في العَقِد الصَّحيحِ هو المُسمَّى، وهو بَعضُ الخارِجِ، ولم يُوجَدِ الخارِجُ؛ فلا يَجِبُ شَيءٌ، والواجِبُ في المُزارَعةِ الفاسِدةِ أجْرُ مِثلِ العَملِ في الذِّمةِ، لا في الخارِجِ، فانعِدامُ الخارِجِ لا يَمنَعُ وُجوبَه في الذِّمةِ؛ فهو الفَرقُ (١).
٥ - تَقليبُ الأرضِ بالحَرثِ (الكِرابُ):
قالَ الحَنفيَّةُ: الكِرابُ على وجهيْنِ: إمَّا أنْ يَشرُطا الكِرابَ في العَقدِ، وإمَّا أنْ يَسكُتا عن شَرطِه.
فإنْ شَرَطاه يُجبَرُ عليه؛ لأنَّه شَرطٌ صَحيحٌ؛ فيَجِبُ الوَفاءُ به.
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٢)، و «الهداية» (٤/ ٥٦)، و «الاختيار» (٣/ ٩٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٥٤)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ١٤٤)، و «اللباب» (٢/ ٩)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٧).