للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَالةُ الأُولى: أنْ لا يَكونَ هُناكَ نَسبٌ يُريدُ أنْ يَنفيَه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الزوجِ إذا قذَفَ زَوجتَه ولم تَطلُبِ اللِّعانَ ولم يَكنْ هُناكَ وَلدٌ ليَنفيَه، هل له أنْ يُلاعِنَ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ إلى أنه إذا لم يَكنْ هُناكَ نسَبٌ يُريدُ نفْيَه لم يَكنْ له أنْ يُلاعِنَ، وكذلكَ كلُّ مَوضعٍ سقَطَ فيه الحَدُّ مثلَ أنْ أقامَ البيِّنةَ بزِناها أو أبرَأتْه مِنْ قَذفِها أو حَدٍّ لها ثمَّ أرادَ لِعانَها ولا نسَبَ هناكَ يُنفَى فإنه لا يُشرَعُ اللعانُ، قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، ولا نَعلمُ فيهِ مُخالِفًا، إلا بعضَ أصحابِ الشافعيِّ قالوا: له المُلاعَنةُ لإزالةِ الفِراشِ، والصحيحُ عندَهم مِثلُ قَولِ الجَماعةِ؛ لأنَّ إزالةَ الفِراشِ مُمكِنةٌ بالطلاقِ، والتحريمُ المُؤبَّدُ ليسَ بمَقصودٍ يُشرَعُ اللِّعانُ مِنْ أجلِه، وإنَّما حصَلَ ذلك ضِمنًا (١).

وقالَ البُهوتيُّ : وإنْ لم يَكنْ هناكَ وَلدٌ يُريدُ نفْيَه لم يَكنْ له أنْ يُلاعِنَ بغَيرِ خِلافٍ نَعلمُه؛ لعَدمِ الحاجةِ إليهِ (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى أنَّ له أنْ يُلاعِنَ؛ لأنه يَستفيدُ بهِ قطْعَ النكاحِ والفُرقةَ المُؤبَّدةَ ودفْعَ عارِ الكَذبِ وإثباتَ حدِّ الزنا (٣).


(١) «المغني» (٨/ ٤٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥١٩، ٥٢٠)، و «المبدع» (٨/ ٩٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٦٧).
(٢) «كشاف القناع» (٥/ ٤٦٧).
(٣) «البيان» (١٠/ ٤٠٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١١٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧٩، ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>