للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفعالِ من إيجابِ القَضاءِ وإفسادِ الصَّلاةِ، وإن كانَا مُختلِفينِ في حُكمِ المَأثَمِ واستِحقاقِ الوَعِيدِ، وإذا كانَ ذلك على ما وَصَفنَا كانَ حكمُ النَّهيِ فيما يَقتَضيهِ من إيجابِ القَضاءِ مُعلَّقًا بالنَّاسِي؛ كهو بالعامِدِ؛ لا فَرقَ بينَهُما فيهِ، وإنِ اختَلفَا في حُكمِ المَأثَمِ والوَعِيدِ.

وأمَّا قولُ النَّبيِّ : «إِنَّ اللَّهَ وضعَ عن أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسيَانَ وما استُكرِهُوا عليه». فمَحمُولٌ على رَفعِ الإثمِ (١).

الكَلامُ المُبطِلُ لِلصَّلاةِ:

ذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الكَلامَ المُبطِلَ لِلصَّلاةِ: ما انتَظَمَ منه حَرفانِ فصَاعِدًا؛ لأنَّ الحَرفَينِ يُكَوِّنانِ كَلِمةً، كأَبٍ وأَخٍ، وكذلكَ الأفعالُ والحُروفُ، ولا تَنتَظِمُ كَلِمةٌ في أقَلَّ مِنْ حَرفَينِ.

قالَ الخَطِيبُ الشِّربِينِيُّ : الحَرفانِ من جِنسِ الكَلامِ؛ لِأنَّ أقَلَّ ما يُبنَى عليه الكَلامُ حَرفانِ للِابتِداءِ والوَقفِ، أو حَرفٌ مُفهِمٌ، نحوَ: «قِ»، مِنْ الوِقايةِ، و: «عِ»، مِنْ الوَعيِ، وَ: «فِ»، مِنْ الوَفَاءِ.

وزادَ الشافِعيَّةُ مَدَّةً بعدَ حَرفٍ، وإن لم يُفهِم، نحوَ: «آ»؛ لأنَّ المَمدودَ في الحَقيقةِ حَرفانِ، وهذا على الأصَحِّ عندَهُم، ومُقابِلُ الأصَحِّ أنَّها لا تبطُلُ؛ لأنَّ المدَّةَ قد تتَّفقُ لِإشباعِ الحَركَةِ، ولا تُعدُّ حَرفًا.

وذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّ الكَلامَ المُبطِلَ لِلصَّلاةِ هو حَرفٌ أو صَوتٌ


(١) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٣٠٥، ٣٠٦) رقم (٢٢١)، وباقي المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>