للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في مُقابلِ الأظهَرِ وبَعضُ الحَنابلةِ إلى أنَّ النَّفقةَ تَجبُ لها وإنْ كانَتْ صَغيرةً لا تُطيقُ الوَطءَ إذا سُلِّمتْ للزَّوجِ كالرَّتقاءِ والقَرناءِ والمَريضةِ؛ لأنها حُبسَتْ عندَه، وفَواتُ الاستمتاعِ بها بسَببٍ هي مَعذورةٌ فيه، فأشبَهَتِ المَريضةَ والرَّتقاءَ، وهذا مَبنيٌّ على القَولِ بأنَّ النَّفقةَ تَجبُ بالعَقدِ (١).

وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنَّ الصَّغيرةَ إذا كانَتْ تَخدمُ الزَّوجَ ويَنتفعُ الزوجُ بها بالخِدمةِ فسلَّمَتْ نفسَها إليهِ فإنْ شاءَ ردَّهَا وإنْ شاءَ أمسَكَها، فإنْ أمسَكَها فلَها النَّفقةُ، وإنْ رَدَّها فلا نَفقةَ لها؛ لأنها إذا لم تَحتملِ الوَطءَ لم يُوجَدِ التسليمُ الذي أوجَبَه العَقدُ، فكانَ له أنْ يَمتنعَ مِنْ القَبولِ، فإنْ أمسَكَها فلها النَّفقةُ؛ لأنه حصَلَ له منها نَوعُ مَنفعةٍ وضَربٌ مِنْ الاستمتاعِ، وقد رَضيَ بالتسليمِ القاصِرِ، وإنْ رَدَّها فلا نَفقةَ لها حتَّى يَجيءَ حالٌ يَقدرُ فيها على جِماعِها؛ لانعِدامِ التسليمِ الذي أوجَبَه العَقدُ وعَدمِ رِضاهُ بالتسليمِ القاصِرِ (٢).

ثالثًا: أنْ يكونَ الزَّوجُ بالِغًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ الزوجُ صَغيرًا وتزوَّجَ مِنْ مُطيقةٍ للوَطءِ، هل تَلزمُه النَّفقةُ على زَوجتِه أم لا؟


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٦٥)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٥٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٦٩)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٧٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>