للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ حَجَرٍ الهَيثَميُّ : والدَّمُ وسَبَبُ تَحريمِه نَجاسَتُه أيضًا، وكانوا يَملَؤونَ المِعَى أو المَباعِرَ مِنْ الدَّمِ ويَشوُونَه ويُطعِمونَه الضَّيفَ، فحرَّم اللَّهُ عليهم ذلك، واتَّفق العُلماءُ على تَحريمِه ونَجاسَتِه، نَعَمْ يُعفَى عَمَّا يَبقَى في العُروقِ واللَّحمِ على أنَّه خرَج بالمَسفوحِ في الآيةِ الأُخرَى المُقيِّدةِ لِإطلاقِه في هذه الآيةِ، ويُستَثنَى مِنه الكَبِدُ والطِّحالُ؛ لِلحَديثِ الصَّحيحِ بهما على أنَّهما خَرَجا بالمَسفوحِ أيضًا، فلا استِثناءَ، ونَقلَ بَعضُهم عن الجُمهورِ أنَّ الدَّمَ حَرامٌ، ولو غيرَ مَسفوحٍ.

ورُدَّ قَولُ أبي حَنيفةَ بحِلِّ غيرِ المَسفوحِ، وليسَ كما زَعَمَ (١).

وقالَ النَّوويُّ : يَحِلُّ أكْلُ الكَبِدِ والطِّحالِ بلا خِلافٍ؛ لِلحَديثِ الصَّحيحِ السَّابِقِ: «أُحِلَّ لَنا مَيتَتانِ ودَمانِ؛ فأمَّا المَيتَتانِ: فالحُوتُ والجَرادُ، وأمَّا الدَّمانِ: فالكَبِدُ والطِّحالُ (٢)» (٣).

بَيعَ الأصنامِ والأوثانِ والصَّليبِ:

قالَ ابنُ الآثيرِ: الفَرقُ بينَ الوَثَنِ والصَّنَمِ أنَّ الوَثَنَ كلُّ ما له جُثَّةٌ مَعمولةٌ مِنْ جَواهِرِ الأرضِ، أو مِنْ الخَشَبِ والحِجارةِ، كصُورةِ الآدَميِّ، تُعمَلُ وتُنصَبُ فتُعبَدُ، والصَّنَمُ الصُّورةُ بلا جُثَّةٍ، ومِنهم مَنْ لَم يُفرِّقْ بينَهما، وأطلَقَها على المَعنيَيْنِ، وقد يُطلَقُ الوَثَنُ على غيرِ الصُّورةِ، ومِنه حَديثُ عِدِيِّ بنِ حاتِمٍ : قَدِمتُ على النَّبيِّ وفي عُنُقي صَليبٌ


(١) «الزواجر» (١/ ٤٢٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد (٥٧٢٣)، وابن ماجه (٣٣١٤).
(٣) «المجموع» (٩/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>