للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِّ اللهِ أو في حَقِّ العَبدِ، فيُنزَلونَ فيه على حَسبِ مَنازلِهم وبحَسبِ ذُنوبِهم، فمنهُم مَنْ يُحبسُ يومًا، ومنهم مَنْ يُحبسُ أكثرَ منه إلى غايةٍ غيرِ مُقدَّرةٍ بقَدرِ ما يُؤدِّي الاجتهادُ إليها ويَرى المُصلحةَ فيها.

واتَّفقُوا أيضًا على أنَّ للإمامِ أنْ يَجمعَ بين الضربِ والحَبسِ؛ لأنَّ التعزيرَ مَوقوفٌ إلى رأيِ الإمامِ، والمَقصودُ منه الردعُ والزجرُ، فإذا رَأى أنه لا يَرتدعُ بالضَّربِ حبَسَه أيضًا، فيَجوزُ له أنْ يَحبسَ العاصيَ بعدَ الضربِ فيَجمعَ بينَ حَبسِه وضَربِه؛ لأنه صَلحَ تَعزيرًا، وقد ورَدَ به الشرعُ في الجُملةِ حتى جازَ أنْ يَكتفيَ به، فجازَ أنْ يُضَمَّ إليه، ويجوزُ أنْ يَحبسَه في بيتِه وفي السِّجنِ حَسبَ ما يَراهُ الإمامُ، ولا يَزيدُ عن سَنةٍ عندَ الشافِعيةِ (١).

ثالِثًا: التَّوبيخُ واللَّومُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يَجوزُ التعزيرُ بالتوبيخِ واللومِ باللسانِ؛ لأنَّ ذلكَ يُفيدُ الردعَ والزجرِ عن الجَريمةِ، وأنْ يُنادَى عليه بذَنبِه.

قالَ الحَنفيةُ: يَجوزُ التعزيرُ بالكَلامِ العَنيفِ، وبالصَّفعِ على العُنقِ، وفَركِ الأُذنِ، وبنَظرِ القاضي له بوَجهٍ عَبوسٍ، وبشَتمٍ غيرِ القَذفِ (٢).


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٥٢)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٧٥)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٧٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٧٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٠٣)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٤٢٥)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦٢١)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٢٣٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥١٦)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٢٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٥٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٢٩).
(٢) «البحر الرائق» (٥/ ٤٤)، و «اللباب» (٢/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>