للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ومَن حلَفَ أنْ يَفعلَ شَيئًا فلَم يَفعَلْه أو لا يَفعلَ شَيئًا ففعَلَه فعليه الكَفارةُ لا خِلافَ في هذا عندَ فُقهاءِ الأَمصارِ، قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: اليَمينُ التي فيها الكَفارةُ بإِجماعِ المُسلِمينَ هي التي على المُستَقبلِ مِنْ الأَفعالِ (١).

وقالَ الإمامُ السِّيوطيُّ : وأما إذا حلَفَ على أَمرٍ في المُستَقبلِ أن يَفعلَه أو لا يَفعلَه فإذا حنِثَ وجَبَت عليه الكَفارةُ بالإِجماعِ (٢).

إذا فعَلَ المَحلوفُ عليه ناسيًا أو خَطأً أو جاهِلاً:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الإِنسانِ إذا حلَفَ على عَدمِ فِعلِ شيءٍ في المُستقبَلِ ففعَلَه ناسِيًا أو على أنَّه سيَفعلُ هذا الأمرَ ونسِيَ أنْ يَفعلَه أو أَخطَأ في فِعلِه هل يَحنَثُ في يَمينِه وتَلزمُه الكَفارةُ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في قولٍ والإمامُ أَحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ العامِدَ والناسِيَ والمُخطِئَ في اليَمينِ سَواءٌ؛ لقولِه تَعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]؛ إذ مَعناه عندَ العامَّةِ «فحنَثْتم» والحِنثُ: مُخالفةُ ما حُلفَ عليه بالفِعلِ أو التَّركِ وهي حاصلةٌ في النِّسيانِ كحُصولِها في العَمدِ فوجَبَ مُساواتُهما حُكمًا ولاتِّفاقِهم على إِلحاقِ المُخطئِ بالعامدِ.

مِثالُ الجَهلِ: أنْ يَعتقِدَ مَنْ حلَفَ ليَدخُلنَّ الدارَ في وَقتِ كذا أنَّه لا يَلزمُه الدُّخولُ في ذلك الوَقتِ.


(١) «المغني» (٩/ ٣٩٠)، و «المبدع» (٩/ ٢٩٥).
(٢) «جواهر العقود» (٢/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>