للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا إذا قالَ له: «تَغدَّ معي»، فقالَ: «واللَّهِ لا أَتغدَّى معك، وإنْ تغَدَّيتُ فعَبدِي حرٌّ» فلَم يَتغَدَّ معَه وذهَبَ إلى بيتِه وتَغدَّى فإنَّه لا يَحنَثُ في هذه الوُجوهِ كلِّها (١).

مُقتضَياتُ البرِّ والحِنثِ في اليَمينِ:

مُقتضَياتُ البِرِّ والحِنثِ في اليَمينِ أَربعةُ أُمورٍ:

الأولُ: النِّيةُ، والثانِي: البِساطُ، والثالِثُ: العُرفُ القَوليُّ، والرَّابعُ: المَقصدُ الشَّرعيُّ.

الأصلُ في الأَيمانِ أنْ تَكونَ على نِيةِ الحالِفِ إلا أنَّ الفُقهاءَ مُختلِفونَ فيما لو لَم تَكنْ له نِيةٌ هل يَرجعُ إلى البِساطِ وهو السَّببُ المُهيجُ لليَمينِ فإن لَم يَكنْ فيَرجعُ للعُرفِ أو للشَّرعِ أو للُّغةِ أم أنَّه إذا لَم تَكنْ هناك نِيةٌ يَرجعُ في ذلك إلى العُرفِ ولا عِبرةَ بالبِساطِ؟ على اختِلافٍ بينَهم في هذا، وبَيانُ ذلك فيما يَلي:

الأولُ: النِّيةُ:

الأصلُ أنَّ النِّيةُ تُخصِّصُ العامَ وتُقيِّدُ المُطلَقَ وتُبيِّنُ المُجمَلَ إذا صلَحَ اللَّفظُ لها، ومَعنى كَونِ اللَّفظِ صالِحًا لها ألَّا يَكونَ اللَّفظُ صَريحًا فيما نَواهُ الحالِفُ، فإذا قالَ: نَويتُ به كذا عمِلَ بنِيتِه؛ فإذا حلَفَ «لا أَلبَسُ الجَونَ»: يُطلَقُ على الأَبيضِ والأَسودِ، وقالَ: «أَردْتُ الأَبيضَ» كانَ له لُبسُ الأَسودِ.

وعلى هذا إذا حلَفَ لا يَأكلُ لَحمًا ولا فَاكهةً ويُريدُ باللَّحمِ لَحمًا بعَينِه وبالفَاكهةِ فَاكهةً بعَينِها فيَقبلُ منه في الفَتوى اتِّفاقًا.


(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٩، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>