للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعُلِم أنَّه منَع ذلك في الصَّومِ احتِياطًا وتَحرُّزًا من سَبْق الماءِ إلى الحَلقِ، فدَلَّ ذلك على أنَّه مَتى حصَل وقَع به الفِطرُ، واعتِبارًا به إذا كان عن مُبالَغةٍ، ولأنَّه أوصَل الماءَ إلى جَوفِه، ذاكِرًا لِصَومِه فأفطَر، كما لو تَعمَّدَ شُربَه.

وذهَب الشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَبطُلُ صَومُه بذلك؛ لأنَّه وصَل إلى جَوفِه بغَيرِ اختيارِه، فلم يَبطُلْ صَومُه كغُبارِ الدَّقيقِ، وغَربَلةِ الدَّقيقِ، ولأنَّه وصَل إلى حَلقِه من غَيرِ إسرافٍ ولا قَصدٍ، فأشبَهَ ما لو طارَت ذُبابةٌ إلى حَلقِه (١).

١٩ - الحَيضُ والنِّفاسُ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّ الحائِضَ أو النُّفَساءَ إذا حاضَت أو نُفِستْ، ولو في اللَّحظةِ الأخيرةِ من النَّهارِ فقد فسَد صَومُها وعليها قَضاءُ ذلك اليَومِ.

واتَّفَق الأئِمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ المَرأةَ الحائِضَ إذا انقَطع حَيضُها قبلَ الفَجرِ، ونوَت الصَّومَ، صَومُها صَحيحٌ، وإنْ أخَّرت الغُسلَ حتى تُصبِحَ أو حتى تَطلُعَ الشَّمسُ: لأنَّها مُحدِثةٌ زال حَدَثُها قبلَ الفَجرِ، ولم يَبقَ عليها سِوى فِعلِ التَّطهيرِ فصَحَّ صَومُها كالجُنُبِ والمُحدِثِ، لكنْ بشَرطِ أنْ تَنويَ الصِّيامَ من اللَّيلِ (٢).


(١) «تحفة الفقهاء» (١/ ٣٥٤)، و «مختصر القدوري» (٦٣)، و «القوانين الفقهية» (٨٠)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٢٦)، و «الإشراف» (ص ٢٠٣)، «المجموع» (٧/ ٥٤٠، ٥٤٢)، و «حلية العلماء» (٣/ ١٩٥)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٧)، و «المغني» (٤/ ١٦٤، ١٦٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠٩)، و «المبدع» (٣/ ٢٩).
(٢) «الإفصاح» (١/ ٤٠٥)، و «المجموع» (٧/ ٤١٩، ٥٠٧)، و «المغني» (٢/ ٢٠١، ٢٠٥)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «المدونة الكبرى» (١/ ١٨٤)، و «الإشراف» (١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>