قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المُظاهِرَ إذا لم يَجدِ الرَّقبةَ ولم يَستطعِ الصِّيامَ أنَّ فرْضَه إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا على ما أمَرَ اللهُ تعالى في كِتابِه وجاءَ في سُنةِ نبيِّهِ ﷺ، سواءٌ عجَزَ عنِ الصِّيامِ لكِبَرٍ أو مَرضٍ يَخافُ بالصَّومِ تَباطُؤَه أو الزِّيادةَ فيهِ أو الشَّبَقَ فلا يَصبِرُ فيه عنِ الجِماعِ، فإنَّ أَوسَ بنَ الصَّامتِ لمَّا أمَرَه رَسولُ اللهِ ﷺ بالصِّيامِ قالَتِ امرَأتُه: يا رَسولَ اللهِ إنه شَيخٌ كَبيرٌ ما به مِنْ صِيامٍ، قالَ:«فلْيُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا»، ولمَّا أمَرَ سَلمةَ بنَ صَخرٍ بالصِّيامِ قالَ: وهل أصَبْتُ الذي أصَبْتُ إلا مِنْ الصِّيامِ؟! قالَ:«فأَطعِمْ»، فنقَلَه إلى الإطعامِ لمَّا أخبَرَ أنه به مِنْ الشَّبَقِ والشَّهوةِ ما يَمنعُه مِنْ الصِّيامِ، وقِسنَا على هذَينِ ما يُشبِهُهما في مَعناهُما (١).
إلا أنَّ هاهُنا بعضَ المَسائلِ التي يَنبغِي ذِكرُها:
أولاً: تَفسيرُ العاجِزِ عنِ الصَّومِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الإنسانَ إذا كانَ عاجِزًا عَنِ الصَّومِ في كفَّارةِ الظِّهارِ أنَّه يَنتقلُ إلى الإطعامِ، أي إطعامِ ستِّينَ مِسكينًا.
وقَد فسَّرَ الفُقهاءُ العاجِزَ عنِ الصَّومِ:
قالَ الحَنفيةُ: إنْ عجَزَ المُظاهِرُ عنِ الصَّومِ لكِبَرِ سِنٍّ أو مَرضٍ لا يُرجَى زَوالُه أَطعَمَ هو أو نائبُه سِتِّينَ مِسكينًا؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ