للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبَتَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى وهو حامِلٌ أُمامةَ بِنتَ أبي العاصِ فقد رَوى أبو قَتادةَ قالَ: «كانَ رَسولُ اللهِ يُصلِّي وهو حامِلٌ أُمامةَ بِنتَ زَينبَ بِنتِ رَسولِ اللهِ ، ولأبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ، فإذا قامَ حمَلَها، وإذا سجَدَ وضَعَها» (١).

قالَ أبو بَكرٍ: في حَملِ رَسولِ اللهِ أُمامةَ بِنتَ أبي العاصِ دَليلٌ على صِحةِ قَولِ عَوامِّ أهلِ العِلمِ؛ إذْ مَعلومٌ مُتعارَفٌ أنَّ مَنْ حمَلَ صَبيةً صَغيرةً لا يَكادُ يَخلو أنْ يَمسَّ بَدنُه بَدنَها، واللهُ أعلَمُ، مع إِيجابِ الطَّهارةِ من ذلك فَرضٌ، والفَرائِضُ لا يَجوزُ إِيجابُها إلا بحُجةٍ، وما زالَ الناسُ في القَديمِ والحَديثِ يَتعارَفون أنَّ يُعانقَ الرَّجلُ أُمَّه وجَدَّتَه ويُقبِّلَ ابنَتَه في حالِ الصِّغرِ قُبلةَ الرَّحمةِ، ولا يَروْن ذلك يَنقضُ الطَّهارةَ ولا يُوجبُ وُضوءًا عندَهم، ولو كانَ ذلك حَدثًا يَنقضُ الطَّهارةَ ويُوجبُ الوُضوءَ لتَكلَّمَ فيه أهلُ العِلمِ كما تَكلَّموا في مُلامَسةِ الرَّجلِ امرأتَه وقُبلتِه إيَّاها (٢).

سادِسًا: أكلُ لُحومِ الجَزورِ، الإبِلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ أكلَ لَحمَ جَزورٍ هل يَنتقضُ وُضوؤُه أو لا يَنتقضُ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ مَنْ أكَلَ لَحمَ جَزورٍ لا يَجبُ عليه الوُضوءُ.


(١) رواه البخاري (٤٩٤)، ومسلم (٥٤٣).
(٢) «الأوسط» (١/ ١٣٠، ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>