ومُساوَمتِه وعَقدِ البَيعِ معه وأخذِ الثَّمنِ وانتِقادِه وشَدِّ الكيسِ وخَتمِه وإحرازِه في الصُّندوقِ ونَحوِ ذلك، ولا أجرَ له عليه؛ لأنَّه مُستحِقٌّ لِلرِّبحِ في مُقابَلتِه؛ فإنِ استأجَرَ مَنْ يَفعَلُ ذلك فالأجرُ عليه خاصَّةً؛ لأنَّ العَملَ عليه، فأمَّا ما لا يَليه العامِلُ في العادةِ -مِثلَ النِّداءِ على المَتاعِ ونَقلِه إلى الخانِ- فليس على العامِلِ عَملُه، وله أنْ يَكتريَ مَنْ يَعمَلُه؛ لأنَّ العَملَ في المُضاربةِ غَيرُ مَشروطٍ لِمَشقَّةِ اشتِراطِه، فرُجِع فيه إلى العُرفِ.
فإنْ فعَل العامِلُ ما لا يَلزَمُه فِعلُه مُتبَرِّعًا فلا أجرَ له، وإنْ فعَله لِيأخذَ عليه أجرًا فلا شَيءَ له أيضًا في المَنصوصِ عن أحمدَ، وفي وَجهٍ أنَّ له الأجرَ بِناءً على الشَّريكِ إذا انفرَد بعَملٍ لا يَلزَمُه هل له أجرٌ لِذلك؟ على رِوايتَيْن، وهذا مِثلُه، والصَّحيحُ أنَّه لا شَيءَ له في المَوضعَيْن؛ لأنَّه عَمِل في مالِ غَيرِه عَملًا لَم يُجعَلْ له في مُقابَلَتِه شَيءٌ، فلَم يَستحِقَّ شَيئًا كالأجنَبيِّ (١).
١٤ - خَلطُ المُضارِبِ مالَ المُضاربةِ بمالِه أو بغَيرِ مالِه:
ذهَب جُمهورُ فُقهاءِ المَذاهِبِ الأربَعةِ إلى أنَّ المُضارِبَ إذا خلَط مالَ المُضارَبةِ بمالِه ولَم يَتميَّزْ، أو بمالِ غَيرِه لِيَعملَ بهما، ولَم يأذَنْ له رَبُّ المالِ؛ فإنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّه أمانةٌ، فهي كالوَديعةِ.
فإنْ قال له: اعمَلْ برأيكَ جازَ له ذلك عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ أيضًا، وإليكَ تَفصيلَ أقوالِهم.
(١) «المغني» (٥/ ٣٢، ٣٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣).