طَوافُ الزِّيارةِ يُؤدِّيه الحاجُّ بعدَ أنْ يُفيضَ من عَرفةَ ويَبيتَ بالمُزدَلفةِ، ويَأتيَ منًى يومَ العيدِ فيَرميَ، ويَنحرَ، ويَحلِقَ أو يُقصِّرَ، ثم بعدَ ذلك يُفيضَ إلى مكةَ فيَطوفَ بالبَيتِ، سُمِّيَ طَوافَ الزِّيارةِ؛ لأنَّ الحاجَّ يَأتي من منًى فيَزورُ البَيتَ ولا يُقيمُ بمكةَ، بل يَرجعُ ليَبيتَ بمنًى، ويُسمَّى أيضًا طَوافَ الإفاضةِ؛ لأنَّ الحاجَّ يَفعلُه عندَ إفاضَتِه من منًى إلى مكةَ (١).
وعَددُ أشواطِ الطَّوافِ سَبعةٌ، وكلُّها رُكنٌ عندَ الجُمهورِ؛ لأنَّ مَقاديرَ العِباداتِ لا تُعرَفُ بالرَّأيِ، والاجتِهادِ، وإنَّما تُعرَفُ بالتَّوقيفِ، ورَسولُ اللهِ ﷺ طافَ سَبعةَ أشواطٍ، فلا يُعتَدَّ بما دونَها.
وقال الحَنفيةُ: الرُّكنُ هو أكثرُ الأشواطِ، وهو ثَلاثةُ أشواطٍ، وأكثرُ الشَّوطِ الرابِعِ، فأمَّا الإكمالُ فواجبٌ يَنجبِرُ بالدَّمِ، فلو جامَع بعدَ الإتيانِ بأكثرِ الطَّوافِ قبلَ الإتمامِ لا يَلزمُه البَدنةُ عندَهم، وإنَّما تَلزمُه شاةٌ.
قال الكاسانيُّ ﵀: لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، والأمرُ المُطلقُ لا يَقتَضي التَّكرارَ، إلا أنَّ الزِّيادةَ على المرَّةِ الواحِدةِ على أكثرِ الأشواطِ ثبَت بدَليلٍ آخرَ، وهو الإجماعُ، ولا إجماعَ في الزِّيادةِ على أكثرِ الأشواطِ، ولأنَّه أتى بأكثرِ الطَّوافِ، والأكثرُ يَقومُ مَقامَ الكلِّ فيما يَقعُ به التَّحلُّلُ في بابِ الحَجِّ كالذَّبحِ إذا لم يَستَوفِ قَطعَ العُروقِ