للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكاةُ الفِطرِ عن المَجنونِ:

ذهَبَ جَماهيرُ العُلماءِ إلى أنَّ زَكاةَ الفِطرِ عن المَجنونِ واجِبةٌ في مالِه إنْ كانَ له مالٌ، وإنْ لم يَكنْ له مالٌ أخرَجَها عنه وَليُّه من مالِه، سَواءٌ كانَ الجُنونُ طارِئًا بعدَ البُلوغِ أو كانَ قبلَه.

وذهَب مُحمدُ بنُ الحَسنِ من الحَنفيةِ إلى التَّفريقِ بينَ الجُنونِ الطارِئِ بعدَ البُلوغِ وما كان قبلَه، فمَن بلَغَ مَجنونًا يَجبُ على وَليِّه إِخراجُ زَكاةِ الفِطرِ عنه، ومَن بلَغَ مُفيقًا ثم جُنَّ فإنَّه لا يَجبُ على وَليِّه إِخراجُ زَكاةِ الفِطرِ عنه، لارتِفاعِ الوِلايةِ بالبُلوغِ، وإنْ عادَت للضَّرورةِ (١).

قالَ الإمامُ السَّرخَسيُّ : والمَعتوهُ والمَجنونُ في ذلك بَمنزِلةِ الصَّغيرِ. ورُوي عن مُحمدٍ أنَّ الأبَ إنَّما يُؤدِّي عن ابنِه المَعتوهِ والمَجنونِ إذا بلَغَ كذلك، فأمَّا إذا بلَغَ مُفيقًا ثم جُنَّ فليسَ عليه أنْ يُؤدِّي عنه من مالِ نَفسِه، ولا مِنْ مالِ وَلدِه؛ لأنَّه إذا وُلدَ مَجنونًا بقِيَ ما كانَ واجِبًا ببَقاءِ وِلايتِه، فأمَّا إذا بلَغَ مُفيقًا فقد سقَطَ عنه لزَوالِ وِلايتِه، فلا يَعودُ بعدَ ذلك وإنْ عادتِ الوِلايةُ لأجلِ الضَّرورةِ (٢).

واستدَلَّ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ على وُجوبِ زَكاةِ الفِطرِ عن المَجنونِ بحَديثِ ابنِ عُمرَ قالَ: «أمَرَ رَسولُ الله بصَدقةِ الفِطرِ


(١) «المبسوط» (٣/ ١٠٤)، و «الجوهرة النيرة» (٢/ ٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٦٣)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٢٦٠)، و «المغني» (٤/ ٣١٠)، و «المجموع» (٥/ ٢٩٤).
(٢) «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>