للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ: تَنعقِدُ المُضاربةُ بما يُؤدِّي مَعناها مِنْ كلِّ قَولٍ دَلَّ عليها؛ لأنَّ المَقصودَ المَعنى، فجازَ بكلِّ ما يَدلُّ عليها، ولا يُعتبَرُ فيها القَبولُ، ك: «قَبِلتُ» ونَحوِه، بل تَكفي مُباشرةُ العامِلِ لِلعَملِ، ويَكونُ قَبولًا لها كالوَكالةِ (١).

ثانيًا: العاقِدانِ:

يُشترطُ في كلٍّ مِنَ العاقِدَيْن -وهُما العامِلُ المُضارِبُ ورَبُّ المالِ- شُروطٌ ذكَرها الفُقهاءُ لا بُدَّ منها:

١ - أهليَّةُ التَّوكُّلِ والتَّوكيلِ:

اشتَرطَ عامَّةُ الفُقهاءِ في العاقدَيْن -وهُما رَبُّ المالِ والمُضارِبُ- أهليَّةَ التَّوكيلِ والوَكالةِ، أي: التَّأهُّلُ لأنْ يُوكِّلَ غَيرَه ويَتوكَّلَ لِغَيرِه؛ لأنَّ العاقِدَيْن كلُّ واحِدٍ منهما وَكيلٌ عن صاحبِه، ومُوكِّلٌ لِصاحبِه، فمَن جازَ له أنْ يُوكِّلَ ويَتوكَّلَ جازَ له عَقدُ المُضاربةِ، ومَن لا فلا؛ لأنَّ المُضارِبَ يَتصرَّفُ بأمرِ رَبِّ المالِ، وهذا مَعنى التَّوكيلِ، ولأنَّه عَقدٌ على التَّصرُّفِ في المالِ لَم يَصحَّ مِنْ غَيرِ جائِزِ التَّصرُّفِ في المالِ كالبَيعِ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٣/ ٥٩٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٦٥)
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٨١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٢، ٥٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٣٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٣٨)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٧/ ٤٨١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٠)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٠)، و «المغني» (٥/ ٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>