اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَقفِ على البَنينَ، هل يَشملُ الذُّكورَ والإناثَ؟ أم يَقتصرُ على الذُّكورِ فقطْ ولا يَدخلُ فيه الإناثُ؟
فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ في رِوايةٍ عنه -واختارَه هِلالٌ وعليه عامَّةُ الحَنفيةِ- والمالِكيةُ في أحَدِ القَولينِ إلى أنَّ الواقِفَ إذا قالَ:«وَقَفتُ على بَنيَّ» وله بَنونَ وبَناتٌ تَكونُ الغَلةُ بينَهُم بالسَّويةِ.
وفي الرِّوايةِ الثانِيةِ عن أبي حَنيفةَ وهو قَولُ أبي يُوسفَ والشافِعية والحَنابلة والقَول الثاني للمالِكيةِ أنَّ البَناتِ لا يَدخلْنَ في قَولِه:«وَقَفتُ على بنيَّ»، ويَختصُّ به الذُّكورُ.
قالَ في «الإسْعَاف»: ولو قالَ: «على بَنيَّ» وله بَنونَ وبَناتٌ، قالَ هِلالٌ: تَكونُ الغَلةُ بينَهُم جَميعًا بالسَّويةِ؛ لأنَّ البَناتِ إذا جُمِعْنَ مع البَنينَ ذُكِروا بلَفظِ التَّذكيرِ، وهو رِوايةٌ عن أبي حَنيفةَ، ألَا تَرى أنه إنْ قالَ:«على إخوَتي» وله إخوَةٌ وأخَواتٌ أنَّ الغَلةَ تَكونُ لهُم جَميعًا؛ لقَولِه تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ وإنه يَشمَلُ الإناثَ.
ورَوى أبو يُوسفَ عنه أنه قالَ في الوَصيةِ أنَّ الثُّلثَ للبَنينَ دونَ البَناتِ، إلا في كُلِّ بِنتٍ يَحسُنُ أنْ يُقالَ:«هذه المَرأةُ مِنْ بَني فُلانٍ»، فإذا نُسِبَ إلى فَخذٍ أو قَبيلةٍ شَمِلَ البَنينَ والبَناتِ جَميعًا في الرِّواياتِ كلِّها، ولو قالَ:«على بَنيَّ» وله بَناتٌ فقط، أو قالَ:«على بَناتي» وله بَنونَ لا غيرُ، تَكونُ الغَلةُ للمَساكينِ ولا شيءَ لهم.