للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ البَغويُّ الشافِعيُّ: ولو أَوصَى بثُلثِه لحَيٍّ ومَيتٍ كانَ نِصفُه للحَيِّ، سَواءٌ كانَ عالِمًا بمَوتِ المَيتِ يَومَ الوَصيةِ أو كانَ يَظنُّه حَيًّا فبانَ مَيتًا.

وقيلَ: كلُّه للحَيِّ (١).

وأمَّا المالِكيةُ فلم أقِفْ لهم على قَولٍ إلا أنَّ مُقتَضى مَذهبِ المالِكيةِ أنَّه إذا أَوصَى لاثنَينِ أحدُهما حَيٌّ والآخَرُ مَيتٌ وكانَ يَعلمُ بمَوتِه فالثُّلثُ بينَهما نِصفانِ، نِصفُه للحَيِّ والنِّصفُ الآخَرُ للمَيتِ يُصرفُ في دَينِه أو إلى وَرثتِه.

قالَ أَبو بَكرِ بنُ المُنذرِ: واختلَفوا في الرَّجلِ يَقولُ: لفُلانٍ ولفُلانٍ مِئةُ دِرهمٍ، وأحدُهما مَيتٌ فكانَ الثَّوريُّ والنُّعمانُ ويَعقوبُ ومُحمدٌ يَقولونَ: هي للحَيِّ منهما.

وقالَ أَحمدُ وإِسحاقُ: ما للحَيِّ إلا خَمسونَ دِرهمًا، ولا وَصيةَ للمَيتِ (٢).

والحالةُ الثانيةُ: أنْ يَقولَ: «ثُلثُ مالي بينَ زَيدٍ وعَمرٍو» وزَيدٌ مَيتٌ:

نَصَّ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ المُوصيَ إذا قالَ: «ثُلثُ مالي بينَ زَيدٍ وعَمرٍو»، وزَيدٌ مَيتٌ كانَ لعَمرٍو نِصفُ الثُّلثِ؛ لأنَّ كَلمةَ «بينَ» كَلمةُ تَقسيمٍ واشتِراكٍ، فقد أَوصَى لكلِّ واحِدٍ منهما بنِصفِ الثُّلثِ بخِلافِ ما تقدَّمَ، ألَا تَرى أنَّ مَنْ قالَ: «ثُلثُ مالي لفُلانٍ»، وسكَتَ كانَ له كلُّ الثُّلثِ، ولو قالَ: «ثُلثُ مالي بينَ فُلانٍ»، وسكَتَ لم يَستحِقَّ الثُّلثَ؟ (٣)


(١) «التهذيب في فقه الإمام الشافعي» (٥/ ٧٨).
(٢) «الإشراف على مذاهب العُلماء» (٤/ ٤٣٥).
(٣) «الهداية» (٤/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «العناية» (١٦/ ١١٢، ١١٣)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٤٢٨)، و «اللباب» (٢/ ٦٠٩)، و «البحر الرائق» (٨/ ٤٧٦)، و «الهندية» (٦/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>