الشَّرطُ الثاني: أنْ يكونَ للمَسروقِ منهُ يَدٌ صَحيحةٌ على المسروقِ:
اشتَرطَ الفُقهاءُ أنْ يكونَ للمَسروقِ منه يَدٌ على المالِ، بأنْ يَكونَ مالِكًا له أو نائِبَ المالِكِ كوَليِّه ووَكيلِه؛ لأنَّ يَدَه كيَدِه.
إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفوا فيما لو كانَتْ يَدُ المَسروقِ منهُ غيرَ صَحيحةٍ على المالِ المَسروقِ، كما لو سرَقَ مِنْ سارقٍ أو سَرقَ مِنْ غاصبٍ، هل تُقطَعُ يَدُه أم لا؟
فقالُوا في السارقِ مِنْ السَّارقِ: إنْ سرَقَ مِنْ السارقِ سارقٌ آخَرُ بعدَما قُطعَتْ يَمينُه أو قبلُ فإنَّه لا يُقطَعُ؛ لأنَّ يَدَه ليسَتْ بيَدٍ صَحيحةٍ؛ لأنها ليسَتْ بيَدِ مالكٍ ولا أمِينٍ ولا ضَمينٍ، وإنما هي يَدٌ ضائعةٌ لا حافِظةٌ، فصارَ الأخذُ منهُ كالأخذِ مِنْ الطَّريقِ، ولا يُقطَعُ بخُصومةِ المالكِ أيضًا؛ لأنَّ السارقَ لم يَكنْ له يَدٌ صَحيحةٌ على المالِ.
ولو دُرئَ القَطعُ عن السارِقِ ثمَّ سرَقَ منهُ سارِقٌ قُطعَ؛ لأنَّ القَطعَ إذا دُرئَ عنه تَعلَّقَ بأخذِه الضَّمانُ، ويَدُ الضامنِ يَدٌ صَحيحةٌ، فإزالتُها تُوجِبُ القَطعَ، ويَصيرُ السارقُ الأولُ كالغاصِبِ.
وقيلَ: إنْ سرَقَ قبلَ قَطعِ السارقِ الأولِ أو بعدَما دُرئَ بشُبهةٍ فإنَّ له ولرَبِّ المالِ القَطعُ؛ لأنَّ سُقوطَ التقوُّمِ ضَرورةُ القَطعِ ولم تُوجَدْ، وأمَّا بعدَ القَطعِ فلا يُقطَعُ قَطعًا.