للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما لا يُشترطُ فيه الإِسلامُ؛ كتَعليمِ الصِّغارِ الكِتابةَ، وتَنفيذِ ما يَأمرُ به الإمامُ أو الأميرُ، يَجوزُ أنْ يُمارِسَه الذِّميُّونَ (١).

المُعامَلاتُ الماليةُ لأهلِ الذِّمةِ:

القاعِدةُ العامةُ: أنَّ أهلَ الذِّمةِ في المُعامَلاتِ كالبُيوعِ والإجارةِ وسائرِ التَّصرُّفاتِ الماليةِ كالمُسلِمينَ (إلا ما استُثني من المُعامَلةِ بالخَمرِ والخِنزيرِ ونَحوِهما)؛ وذلك لأنَّ الذِّميَّ مُلتزِمٌ أَحكامَ الإِسلامِ فيما يَرجعُ إلى المُعامَلاتِ الماليةِ، فيَصحُّ منهم البَيعُ والإِجارةُ والمُضاربةُ والمُزارعةُ ونَحوُها من العُقودِ والتَّصرُّفاتِ التي تَصحُّ من المُسلِمينَ، ولا تَصحُّ منهم عُقودُ الرِّبا والعُقودُ الفاسِدةُ والمَحظورةُ التي لا تَصحُّ من المُسلِمينَ، كما صرَّحَ به فُقهاءُ المَذاهبِ.

قالَ الجَصاصُ من الحَنفيةِ: إنَّ الذِّميِّين في المُعامَلاتِ والتِّجاراتِ كالبُيوعِ وسائرِ التَّصرُّفاتِ كالمُسلِمينَ (٢)، ومِثلُه ما قالَه الإمامُ السَّرخسيُّ في المَبسوطِ، وصرَّحَ به الكاسانِيُّ في البَدائعِ؛ حيثُ قالَ: كلُّ ما جازَ من بُيوعِ المُسلِمينَ جازَ من بُيوعِ أهلِ الذِّمةِ، وما يَبطُلُ أو يَفسُدُ من بُيوعِ المُسلِمينَ يَبطلُ ويَفسُدُ من بُيوعِهم، إلا الخَمرَ والخِنزيرَ (٣)، بل إنَّ الشافِعيةَ صرَّحوا ببُطلانِ بَيعِ الخَمرِ والخِنزيرِ بينَهم أيضًا قبلَ القَبضِ، وكَلامُ المالِكيةِ والحَنابِلةِ أيضًا


(١) «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٦)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٥٤)، و «الأحكام السلطانية» للماوردي ص (٢١ - ٢٥)، و «الأحكام السلطانية» لأبي يعلى ص (١٣ - ١٥).
(٢) «تفسير الأحكام» للجصاص (٤/ ٨٩)، وانظُر: «ابن عابدين» (٣/ ٢٧٦).
(٣) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٩٢)، «المبسوط» للسرخسي (١٠/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>