للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدراكُ الرَّكعةِ بإدراكِ الرُّكوعِ مع الإمامِ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ مَنْ أدرَكَ الإمامَ راكِعًا فكبَّر ورَكَعَ وأمكَنَ يَديهِ مِنْ رُكبتَيهِ قبلَ أن يَرفَعَ الإمامُ رَأسَه مِنْ الرَّكعةِ فقد أدرَكَ الرَّكعةَ، ومَن لم يُدرِك ذلك فقد فاتَتهُ الرَّكعةُ، ومَن فاتَته الرَّكعةُ فقد فاتَته السَّجدةُ، أي: لا يُعتَدُّ بها، ويَسجُدُها، وذلك لقولِ النَّبيِّ : «إذا جِئتُم إلى الصَّلاةِ وَنَحنُ سُجودٌ فَاسجُدُوا ولا تَعُدُّوهَا شَيئًا، وَمَنْ أَدرَكَ الرَّكعَةَ فقد أَدرَكَ الصَّلاةَ». وفي لَفظٍ: «مَنْ أَدرَكَ الرُّكُوعَ فقد أَدرَكَ الرَّكعَةَ» (١)، ولأنَّه لم يَفُتهُ مِنْ الأركانِ شَيءٌ إلا القِيامَ، وهو يَأتي به مع تَكبيرةِ الإحرامِ، ثم يُدرِكُ الإمامَ مع بَقيَّةِ الرَّكعةِ، وهذا إذا أدرَكَ الإمامَ في طُمَأنينةِ الرُّكوعِ، أو انتَهى إلى قَدرِ الإجزاءِ مِنْ الرُّكوعِ قبلَ أن يَزولَ الإمامُ عن قَدرِ الإجزاءِ، فهذا يُعتدُّ له بالرَّكعةِ، ويَكونُ مُدرِكًا لها، فأمَّا إن كانَ المَأمومُ يَركَعُ والإمامُ يَرفَعُ لم يُجزِئه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وعليه أن يَأتيَ بالتَّكبيرةِ مُنتَصبًا، فإن أتى بها بعدَ أنِ انتَهى مِنْ الانحِناءِ إلى قَدرِ الرُّكوعِ، أو ببعضِها، لم يُجزِئه؛ لأنَّه أتى بها مِنْ غيرِ مَحَلِّها إلا في النافِلةِ، ولأنَّه يَفوتُه القِيامُ، وهو مِنْ أركانِ الصَّلاةِ، ثم


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٨٩٣)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٥٨)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>