ما لم يَنوِ أكثرَ فيَقعُ ما نَوَى؛ لأنهُ لفظٌ لا يُنافي العَددَ، فوجَبَ وُقوعُ ما نَواهُ بهِ.
فإنْ لم يَنوِ مَنْ أتَى بكنايةٍ خفيَّةٍ عَددًا وقَعَ واحدةٌ رجعيَّةٌ إنْ كانَتْ مَدخولًا بها، وإلَّا بأنْ لم تكنِ المُطلَّقةُ مَدخولًا بها وَقعَتْ واحدةٌ بائِنةٌ؛ لأنَّها إنَّما تَقتضي التَّركَ كما يَقتضيهِ صَريحُ الطَّلاقِ مِنْ غَيرِ اقتِضاءٍ للبَينونةِ، فوقَعَ واحدةٌ رجعيَّةٌ كما لو أتَى بصَريحِ الطَّلاقِ.
النَّوعُ الأوَّلُ: الكِنايةُ الظَّاهرةُ: وهي الألفاظُ المَوضوعةُ للبَينونةِ؛ لأنَّ مَعنَى الطَّلاقِ فيها أظهَرُ، وهي ستَّ عَشرةَ كِنايةً:
«أنتِ خَليَّةٌ» هي في الأصلِ: النَّاقةُ تُطلَقُ مِنْ عِقالِها ويُخلَّى عنها، ويُقالُ للمرأةِ (خَليَّةٌ) كِنايةً عنِ الطَّلاقِ.
و «بَريَّةٌ» و «بائِنٌ» أي: مُنفصِلةٌ، و «بَتَّةٌ» أي: مَقطوعةٌ، و «بَتْلَةٌ» أي: مُنقطِعةٌ، وسُمِّيتْ مَريمُ البَتولَ لانقِطاعِها عَنِ النِّكاحِ بالكُليَّةِ.
و «أنتِ حُرَّةٌ» لأنَّ الحُرَّةَ هي الَّتي لا رِقَّ عليها، ولا شَكَّ أنَّ النِّكاحَ رِقٌّ، وفي الخبَرِ: «فاتَّقُوا اللهَ في النِّساءِ؛ فإنَّهنَّ عَوانٌ عِنْدَكُمْ» أي: أُسَراءُ، والزَّوجُ ليسَ لهُ على الزَّوجةِ إلَّا رِقُّ الزَّوجيةِ، فإذا أخبَرَ بزَوالِ الرِّقِّ فهوَ الرِّقُ المَعهودُ وهوَ رِقُّ الزَّوجيةِ.
و «أنتِ الحَرَجُ» -بفَتحِ الحاءِ والرَّاءِ- يَعني: الحَرامُ والإثمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute