للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعزيةُ أهلِ الذِّمةِ:

قالَ ابنُ قُدامةَ : وتَوقَفَ أحمدُ عن تَعزيةِ أهلِ الذِّمةِ، وهي تُخرَجَ على عيادَتِهم.

وفيه رِوايتانِ:

إحداهُما: لا نَعودُهم، فكذلك لا نُعزِّيهم؛ لقولِ النَّبيِّ : «لا تَبدَؤوهم بالسلامِ» (١) وهذا في مَعناه.

والثانِيةُ: نَعودُهم؛ لأنَّه كانَ غُلامٌ يَهوديٌّ يَخدُمُ النَّبيَّ فمرِضَ فأَتاه النَّبيُّ يَعودُه فقعَدَ عندَ رأسِه، فقالَ له: «أسلِمْ» فنظَر إلى أبيه وهو عندَه، فقالَ له: أطِعْ أبا القاسِمِ، فأسلَمَ، فخرَجَ النَّبيُّ وهو يَقولُ: «الحَمدُ للهِ الذي أنقَذَه من النارِ» رواه البخاري.

فعلى هذا نُعزِّيهم، فنَقولُ في تَعزيتِهم: بمُسلمٍ: أحسَنَ اللهُ عَزاءَك وغفَرَ لميِّتِك، وعن كافرٍ: أخلَفَ اللهُ عليكَ ولا نقَّصَ عددَك، ويَقصِدُ زيادةَ عَددِهم لتَكثُرَ جِزيتُهم، وقالَ أبو عبدِ اللهِ بنُ بَطةَ: يَقولُ: أَعطاك اللهُ على مُصيبتِك أفضَلَ ما أَعطى أحدًا من أهلِ دِينِك.

فأمَّا الردُّ من المُعزِّي، فبلَغنا عن أحمدَ بنِ الحُسينِ قالَ: سَمِعت أبا عبدِ اللهِ وهو يُعزِّي في عَبثَرَ، ابنِ عَمِّه، وهو يَقولُ: استَجابَ اللهُ دُعاك ورَحِمنا وإيَّاك (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.
(٢) «المغني» (٣/ ٣٠٧)، وانظر: «الكافي» (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>