للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَيأتي بَيانُ ذلكَ في قِسمِ الطَّلاق السُّنيِّ والبِدعيِّ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى.

الحالةُ الثَّانيَةُ: قالَ المالِكيَّةُ: قَدْ يَحْرُمُ الطَّلاقُ لَو عَلِمَ أنَّه إنْ طلَّقَها وقَعَ في الحَرامِ كالزِّنا ولا قُدرةَ له على زَواجِ غَيرِها (١).

محاسنُ الطَّلاق:

قالَ الحَنفيَّةُ: مِنْ مَحاسِنِ الطَّلاقِ التَّخلُّصُ بهِ مِنْ المَكارِهِ الدِّينيةِ والدُّنيويَّةِ، ومِنها جَعْلُه بِيَدِ الرِّجالِ دُونَ النِّساءِ؛ لاختِصاصِهنَّ بنُقصانِ العَقلِ وغَلبَةِ الهوَى ونُقصانِ الدِّينِ، وعَن ذَلكَ سَاءَ اختِيارُهنَّ وسَرُعَ اغتِرارُهنَّ، وعنهُ كانَ أكثَرُ شُغلِهنَّ بالدُّنيا وتَرتيبِ المَكايدِ وإفشاءِ سرِّ الأزواجِ وغَيرِ ذلكَ.

ومِنها شَرْعُه ثلاثًا؛ لأنَّ النَّفسَ كَذوبَةٌ ربُّما تظْهَرُ عَدمُ الحاجَةِ إلَيها أو الحاجَةُ إلى ترْكِها وتُسَوِّلُه، فإذا وقَعَ حصَلَ النَّدمُ وضاقَ الصَّدرُ بهِ وعِيلَ الصبْرُ، فشَرَعَه ثَلاثًا ليُجرِّبَ نفْسَه في المرَّةِ الأُولى، فإنْ كانَ الواقِعُ صِدْقَها استَمرَّ حتَّى تَنقضِيَ العدَّةُ وإلَّا أَمكنَهُ التَّدارُكُ بالرَّجعَةِ، ثمَّ إذا عادَتِ النَّفسُ إلى مِثلِ الأوَّلِ وغَلبَتْه حتَّى عادَ إلى طَلاقِها نظرَ أيضًا فيمَا يَحدُثُ لهُ، فما يُوقِعُ الثالثةَ إلَّا وقَد جرَّبَ وفَقِهَ في حالِ نفْسِه، وبعَددِ الثَّلاثِ تَبلَى الأعذارُ (٢).


(١) «حاشية الصاوي» (٥/ ٢٨٠).
(٢) «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٦٥، ٤٦٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>