للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: إنْ نفَعَ الضَّربُ ضرَبَ، وإلَّا رفَعَ الأمرَ إلى القاضي ليُوجِّهَ إليهما حكَمَينِ حكَمًا مِنْ أهلِه وحكَمًا مِنْ أهلِها كما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: ٣٥]، وسَبيلُ هذا سَبيلُ الأمرِ بالمَعروفِ والنِّهيِ عنِ المُنكَرِ في حَقِّ سائرِ النَّاسِ أنَّ الآمِرَ يَبدأُ بالمَوعِظةِ على الرِّفقِ واللِّينِ دُونَ التَّغليظِ في القَولِ، فإنْ قَبلَتْ وإلَّا غلَّظَ القولَ بهِ، فإنْ قَبلَتْ وإلَّا بسَطَ يَدَه فيهِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: لا يَجوزُ الضَّربُ إلَّا إذا ظَنَّ إفادَتَه، فإنْ ظَنَّ عدَمَ إفادَتَه فلا يَجوزُ له ضَربُها؛ لأنَّ الضَّربَ وسيلةٌ إلى صَلاحِ الحالِ، والوَسيلةُ عندَ عدمِ مَقصودِها غيرُ مَشروعةٍ (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: إذا عَلِمَ أنَّ الضَّربَ لا يُفيدُ حَرُمَ الضَّربُ؛ لأنَّه عُقوبةٌ مُستغنًى عنها (٣).

٣ - هلِ الأَولَى الضَّربُ أم عدَمُه؟

نَصَّ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ الأفضَلَ تَركُ الضَّربِ؛ إبقاءً للمَودَّةِ،


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٣٣٤).
(٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٢٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢١٠)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٩٦)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٥/ ٢٣١، ٢٣٣).
(٣) «النجم الوهاج» (٧/ ٤١٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢١٨)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>