اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ بَقاءُ اسمِ اللبنِ أم لا يُشترطُ؟ فلو عُملَ اللبنُ جُبنًا ثم طَعِمَه الصبيُّ هل يَثبتُ به التحريمُ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يُشترطُ لثُبوتِ التحريمِ بقاءُ اللبنِ على هَيئتِه حالةَ انفصالِه عن الثَّديِ، فلو جعلَ منه جُبنًا أو أَقِطًا أو نُزعَ منه زُبدٌ أو عُجنَ به دَقيقٌ وأُطعِمَ الطِّفلُ مِنْ ذلك حَرَّمَ؛ لحُصولِ التَّغذي به؛ لأنه واصلٌ مِنْ الحَلقِ يَحصلُ به إنباتُ اللَّحمِ وإنشازُ العظمِ، فحصَلَ به التحريمُ كما لو شَربَه.
ولو ثُردَ في طعامٍ ثبَتَ التحريمُ، وكذا لو عُجنَ به دقيقٌ وخُبِزَ تعلَّقَتْ به الحرمةُ.
إلا أنَّ المالِكية قالُوا: هذا بشَرطِ أنْ يكونَ اللبنُ غالبًا، وهو مُقتضَى المَذهبِ عندَ الآخَرينَ (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يُحرِّمُ؛ لزَوالِ الاسمِ.
(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٦٨)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٠١)، و «كنز الراغبين» (٤/ ١٥٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٣٢)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ١١١)، و «الديباج» (٣/ ٥٩٧)، و «المغني» (٨/ ١٤٠)، و «المبدع» (٨/ ١٧٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٦٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٢٣).