للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في مَسألةٍ وهي:

قَتلُ المُسلمِ بالكافِرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو قتَلَ مُسلمٌ ذِميًّا مَعصومَ الدمِ، هل يُقتلُ به مُطلَقًا؟ أم لا يُقتلُ به مُطلَقًا؟ أم يُقتلُ به إذا قتَلَه غِيلةً ولا يُقتلُ به إذا لم يَقتلْه غِيلًة؟ على ثَلاثةِ أقوالٍ للفُقهاءِ:

القَولُ الأولُ: أنَّ المُسلمَ إذا قتَلَ كافِرًا ذِميًّا مَعصومَ الدمِ لا يقتلُ به، وهو مَذهبُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ وأكثَرِ أهلِ العِلمِ؛ لقَولِ النبيِّ : «المُسلمُونَ تَتكافأُ دِماؤُهم، يَسعَى بذِمَّتِهم أدناهُمْ، ويُجيرُ عليهِم أقصَاهُم، وهُم يَدٌ على مَنْ سِواهُم، يَردُّ مُشدُّهُم على مُضعفِهم، ومُتسرِّعُهم على قاعدِهِم، لا يُقتلُ مُؤمنٌ بكافِرٍ ولا ذو عَهدٍ في عَهدِهِ» (١).

وعن أبي جُحيفةَ قالَ: سَألتُ عَليًّا : هل عِندكُم شَيءٌ ما ليسَ في القُرآنِ؟ -وقالَ مرَّةً: ما ليسَ عندَ الناسِ؟ - فقالَ: «والذِي فلَقَ الحَبَّةَ وبرَأَ النَّسمةَ ما عِندَنا إلا ما في القُرآنِ إلا فَهمًا يُعطَى رَجلٌ في كِتابِه وما في الصَّحيفةِ، قلتُ: وما في الصَّحيفةِ؟ قالَ: العَقلُ وفِكَاكُ الأسِيرِ وأنْ لا يُقتلَ مُسلِمٌ بكافرٍ» (٢)، ولأنه مَنقوصٌ بالكُفرِ، فلا يُقتلُ به المُسلمُ كالمُستأمنِ؛


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٥١، ٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٥، ٤٧٤٦)، وابن ماجه (٢٦٦٠)، وأحمد (٦٩٧٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>